مسألة: [في أن الحد لا يسقط بتقادم عهد الجناية إذا وقعت في ولاية الإمام]
  الألم الشديد، ولا يجوز أن يبلغ به ما يغلب في الظن أنه يتلفه أو يتلف عضواً منه، فأما مقدار ما يحتمله فلا بد منه، وقد نبه الله ø على ذلك بقوله: {وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٞ فِے دِينِ اِ۬للَّهِ}[النور: ٢] وقال: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَآئِفَةٞ مِّنَ اَ۬لْمُؤْمِنِينَۖ ٢}[النور] ولا يسمى عذاباً حتى يكون شديداً.
مسألة: [في أن الحد لا يسقط بتقادم عهد الجناية إذا وقعت في ولاية الإمام]
  قال: وإذا رفع إلى الإمام من وجب عليه الحد أقامه وإن كان قد تقادم عهد جنايته بعد أن تكون جنايته وقعت في ولاية الإمام، وإن كانت جنايته وقعت في غير ولايته لم يقم عليه الحد(١).
  قال أبو حنيفة في الحد إذا تقادم عهده: لا يقام، ولم يحد في ذلك حداً. وحد أبو يوسف ومحمد شهراً، وذلك إذا أقيم بالشهادة دون الإقرار.
  والدليل على ذلك قول الله ø: {اَ۬لزَّانِيَةُ وَالزَّانِے فَاجْلِدُواْ كُلَّ وَٰحِدٖ مِّنْهُمَا مِاْئَةَ جَلْدَةٖۖ}[النور: ٢] ولم يشترط فيه قرب العهد ولا بعده، وكذلك في قوله: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا}[المائدة: ٣٨] فوجب أن يستوفي الحد قرب عهده أم بعد. وأيضاً لا خلاف أن الحد إذا ثبت بالإقرار يقام مع تقادم عهده، فكذلك إذا ثبت بالشهادة، والمعنى أنه ثبت عليه فعل أوجب الحد. وأيضاً كما أن الحقوق تثبت بالشهادة كما تثبت بالإقرار [كذلك الحدود](٢).
  فإن قيل: إذا لم يؤدوا الشهادة حين عرفوا أدى ذلك إلى التهمة؛ لأنهم إذا لم يقيموها لم يخل أمرهم من شيئين: إما أن يكونوا تركوا إقامتها استهانةً بالحد وإضاعة للشهادة، أو لأنهم اختاروا الستر على الجاني، فإن كانوا تركوا إقامتها للوجه الأول أوجب ذلك سقوط شهادتهم، وإن تركوا للوجه الثاني فإقامتهم للشهادة بعد السكوت عنها يدل عل أنهم يقيمونها للضغن والحقد.
(١) الأحكام (٢/ ٢٠٠).
(٢) ما بين المعقوفين من (هـ).