باب القول في محاربة أهل الحرب
مسألة: [فميا يجب على الإمام تجاه من دخل من أهل الحرب بلاد المسلمين بأمان]
  قال: ويجب على الإمام أن يعلم كل من دخل من أهل الحرب بلاد المسلمين أنه إن أقام فيها أكثر من سنة لم يتركه يخرج منها، ويضرب(١) عليه الجزية، وكان ذمياً، فإن وجده بعد السنة حكم فيه بذلك(٢).
  والأصل في هذا: أنه لا خلاف أن الكافر لا يخلى بينه وبين استدامة المقام في دار الإسلام إلا على وجه الذمة أو الرق؛ لقوله ø: {وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ}[البقرة: ١٩٠]، وقوله: {فَاقْتُلُواْ اُ۬لْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ ...} الآية [التوبة: ٥]، وقوله: {قَٰتِلُواْ اُ۬لذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ اِ۬لْأٓخِرِ ...} الآية إلى قوله: {حَتَّيٰ يُعْطُواْ اُ۬لْجِزْيَةَ عَنْ يَّدٖ [وَهُمْ صَٰغِرُونَۖ ٢٩](٣)}[التوبة: ٢٩]. ولا خلاف أنه يجوز أن يمكنوا من إقامة مدة يسيرة على وجه الأمان؛ لقوله ø: {وَإِنْ أَحَدٞ مِّنَ اَ۬لْمُشْرِكِينَ اَ۪سْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ}[التوبة: ٦]، ولما ثبت أن رسل المشركين كانوا يردون على رسول الله ÷ فيقيمون مدة مثلهم، فعلى الإمام إذا عرف من حال بعض(٤) من يدخل من المشركين دار الإسلام على وجه الاستئمان(٥) أن يعلمه أنه إن أقام حولاً صار ذمياً، وإنما شرطنا الحول لأنا احتجنا إلى الفرق بين يسير المدة والاستدامة، ووجدنا الحول مما يتعلق بمروره على أهل الشرك حكم لزوم الجزية، وكذلك يلزم بمروره الخراج الذي سببه الشرك، فكان هو أولى بالاعتبار، على أن مقامهم لما جاز المدة اليسيرة لأغراض، كالتجارة، أو البحث عن أمر الدين، أو أداء رسالتهم، وكان الغالب في الأحوال أن أكثر الأغراض تتم باستكمال الحول، كالزراعة وما يجري مجراها
(١) في (ب، د، هـ): أو يضرب.
(٢) الأحكام (٢/ ٤٠٤).
(٣) ما بين المعقوفين من (هـ).
(٤) «بعض» ساقط من (ب، د).
(٥) كذا في المخطوطات لا مفعول لـ: «عرف».