باب القول في كفارة اليمين
  ذلك لا يستر إلا الأقل من بدنه، وأن اسم المكتسي لا يتناوله على الإطلاق. على أن من أعطى غيره سراويل أو عمامة لا يقال: إنه كساه، كما لا يقال ذلك في الخف والجورب؛ فلذلك قلنا: إنهما لا يجزئان.
مسألة: [في أوصاف الرقبة التي تجزئ في الكفارة]
  قال: ومن أراد العتق أعتق رقبة ليست بكافرة، صغيرة أو كبيرة، ولا بأس أن يكون مكفوفاً أو أعرج أو أشل أو أخرس أو مجنوناً، فإن كان مسلماً سالماً فهو أفضل. فأما في(١) كفارة القتل فلا يجوز إلا صحيح بالغ، وأما في النذور فهو ما يوجبه الإنسان على نفسه(٢).
  قال أبو حنيفة: يجزئ الكافر، ولا يجزئ المؤوف، وله في ذلك تفاصيل تطول. قال الشافعي: لا يجزئ إلا المؤمن، ولا يجزئ من المؤوف ما تبين آفته حتى تضر(٣) بالعمل ضرراً بيناً.
  والأصل في هذا: أن الله ø عم ولم يخص، فوجب أن يجزئ كل ما يسمى رقبة، وكل ما ذكرنا يسمى رقبة، فوجب أن يجزئ.
  فإن قاسه الشافعي على رقبة القتل بعلة أنها رقبة وجبت في كفارة فوجب أن تكون مؤمنة فقياسهم(٤) معارض بأن نقيسها على الكسوة؛ بعلة أن كل واحد منهما كفارة يمين بما(٥) يجوز فيه الإعارة والإجارة، فوجب أن يجزئ منه(٦) ما يحصل الاسم من غير اعتبار صفاته. وذكرنا الإعارة لئلا يلزم الإطعام؛ لأنه مما يقل الانتفاع به، ومتى لم تراع صفاته زال الانتفاع أو صار يسيراً. على أن في
(١) «في» ساقط من (ب، د، هـ).
(٢) الأحكام (٢/ ١٢٥، ١٢٧) والمنتخب (٣١٨، ٣٢٠).
(٣) في (أ، ج): يصير.
(٤) في (أ، ج): وقياسهم.
(٥) في (د): مما.
(٦) في (أ، ج): منها.