باب القول في أحكام الرهن وتوابعه
  فإن قيل: فإذا لم يدخل الزرع في البيع فكيف يدخل في الرهن؟
  قيل له: لأن بيع الأرض يصح دون الزرع(١)، ولا يصح رهنها دون الزرع، فحملنا عقد الرهن على الصحة وأوجبنا(٢) الرهن فيه؛ لأنا نحمل عقود المسلمين على الصحة كما بيناه. والأولى أن يحمل هذا على أنه رهن الأرض ولا زرع بها ثم زرع.
مسألة: [في الأرض المرهونة إذا غلب عليها العدو]
  قال: ولو أنه رهن رجلاً أرضاً فغلب عليها العدو وأخرجوا أهل البلد من البلد فلم يقدر الراهن ولا المرتهن على الأرض بطل الرهن [وكان مال المرتهن على الراهن(٣).
  قلنا: إن المرتهن لا يضمنها](٤) ويكون حقه على الراهن لأن الأرض المرهونة لم تتلف ولم تستهلك، وإنما حيل بينه وبينها مع أنها قائمة بعينها، فلا معنى لتضمينها المرتهن وهي قائمة بعينها لم تستهلك ولم تتو، وإذا لم يضمنها المرتهن لم يتو حقه الذي كان على الراهن.
  وقلنا: إنه قد بطل الرهن لأن من شرط الرهن أن يستمر فيه القبض على ما تقدم القول فيه؛ ولهذا أبطلنا رهن المشاع، فلما حيل بينه وبينها صارت خارجة عن قبضه، فخرجت عن أن تكون رهناً.
  وقد نص في الفنون(٥) على أن الرهن لو كان مما ينقل فغلب عليه العدو أن المرتهن يضمنه، فدل ذلك من مذهبه على أنه لا يوجب ضمان الأرض
(١) في (هـ): لأن بيع الأرض دون الزرع يصح.
(٢) في (أ، ب، ج) ونسخة في (د): وأدخلنا. ولفظ شرح القاضي زيد: فحملنا عقد الرهن على الصحة فأدخلنا الزرع في الرهن.
(٣) المنتخب (٤٤١).
(٤) ما بين المعقوفين من (د).
(٥) الفنون (٦٨٢).