باب القول في زكاة ما أخرجت الأرض
مسألة: [في أن زكاة ما يسقى بالدوالي وبماء السماء بحساب ذلك]
  قال: فإن كان يسقى نصف السنة بالدوالي ونصفها سيحاً أو ماء السماء أخذ منه بحساب ذلك.
  وهذا منصوص عليه في الأحكام.
  والوجه في ذلك أنهما حقان مختلفا السبب، أعني العشر ونصف العشر، فوجب ألا يعترض بأحدهما على الآخر، ولا يجعل أحدهما تابعاً للآخر، كما أن أرضين لو سقيت إحداهما بماء السماء والأخرى بالدوالي لم يجعل حق إحداهما تابعاً لحق الأخرى، وكذلك لو كانت أرض تسقى سنة بماء السماء وسنة بالدوالي لم يجعل أحد الحقين تابعاً للآخر، فكذلك إذا سقيت نصف السنة بالدوالي ونصفها بماء السماء؛ ألا ترى إلى قوله: «فيما سقت السماء العشر» أنه جعل سبب العشر أن يكون سقيها بماء السماء، وقوله: «فيما يسقى بالدوالي نصف العشر»(١)، فجعل سبب نصف العشر أن يكون سقيها بالدوالي؟
  فإن غلب أحد السقيين وكان الآخر يسيراً فالأقرب أنه ينظر فيه: فإن كان اليسير في القلة إلى حد لا يؤثر في المؤنة لم يجعل له حكم، وجعل الحكم للغالب، كأن تكون الأرض تسقى بماء السماء، وتسقى بالدوالي يوماً واحداً أو نحوه، أو تسقى بالدوالي، ويقتصر على ماء السماء لها يوماً أو نحوه؛ لأن التخفيف فيه وجب للمؤنة، فأما إذا كان اليسير مع القلة بحيث يؤثر في المؤنة فيجب أن يكون له حكم في العشر أو نصف العشر.
  وحكى أبو علي بن أبي هريرة أن بعض أصحاب الشافعي اعتبر فيه ما كانت الأرض عليه مبنية في الأصل، وجعل الحكم له، وهذا بعيد؛ لأن النبي ÷ علق الحكم بالسقي ولم يعلقه بما بنيت عليه الأرض، فصار الاعتبار بالسقي أولى.
(١) أخرجه النسائي (٥/ ٤٢)، وابن ماجه (١/ ٥٨١).