شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الدخول في الحج والعمرة

صفحة 377 - الجزء 2

  فإن قيل: فعائشة سافرت بغير محرم.

  قيل له: لسنا نرى الاقتداء بها مع مخالفتها قول النبي ÷، على أن سفرها كان لمحاربة علي #، وذلك مما يوجب لها الفسوق⁣(⁣١) والضلال، ولا خلاف أن هذا الجنس من السفر محظور، فكيف يحتج به، أو للتحريض على عثمان حين سافرت إلى مكة، وذلك عند مخالفينا يوجب شق عصا المسلمين.

  وقد قيل: إنها كانت أم المؤمنين، وكل من كان معها كان في حكم الابن لها.

مسألة: [في العبد والأمة يحرمان بغير إذن سيدهما]

  قال: وأما العبد والأمة فمتى أحرما بغير إذن سيدهما فله أن يحل إحرامهما وينقضه، ولا يجب عليه لهما هدي، ومتى عتقا أهديا ما عليهما من الهدي ومضيا لما كانا أوجبا على أنفسهما من حجهما.

  وهذا منصوص عليه في الأحكام⁣(⁣٢).

  ولا خلاف أن للسيد نقض إحرامهما، وإلا كنا قد جعلنا لهما السبيل إلى إبطال حق السيد؛ بأن يستديما الإحرام على ما بيناه في إحرام المرأة.

  ولم نوجب عليهما الدم في الحال لأنهما لا يملكان، ولم نوجب الضمان على سيدهما لأن السيد لم يكن أذن لهما في الإحرام، فصارا فيه متعديين، فلا مسرح لضمان السيد ما كان من جنايتهما التي لا تختص بآدمي بعينه.

  وأوجبنا عليهما الدم بعد العتق كما يجب على غيرهما من الأحرار؛ لدخولهما فيما دخلا فيه، وقد ملكا أنفسهما، فسبيلهما سبيل الأحرار في جميع ما يلزمهم، وقد كان إحرامهما منعقداً؛ بدلالة قوله تعالى: {فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ اَ۬لْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِے اِ۬لْحَجِّۖ}⁣[البقرة: ١٩٦]، فلم يخص عبداً من حر، وكون السيد مالكاً لفسخه لا يدل على أنه لم يكن منعقداً، كما أن ليس لكون الزوج مالكاً


(١) في (ب، د): الفسق.

(٢) الأحكام (١/ ٣٠٨).