شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في السكنى

صفحة 493 - الجزء 4

مسألة: [فيما يجوز لمن دفع إلى آخر عرصة عارية]

  قال: ولو أنه لما دفع إليه العرصة شرط ألا يبرح منها هو وعقبه لم يجز له أن يخرجهم منها إلا بحدث يحدثونه في الإسلام، فإن أحدثوا وأراد الدافع أو ورثته إخراجهم غرم لهم قيمة بنائهم⁣(⁣١).

  قوله: لم يجز أن يخرجهم محمول على الكراهة؛ لأنه إخلاف في الوعد، وتغرير للمعار، وعدول عن الوفاء، فأما من طريق الحكم فله ذلك؛ لأن المرء أولى بملكه من المعار، لا خلاف فيه. والكلام في غرامة قيمته هو ما مضى، فلا معنى لإعادته.

  قال⁣(⁣٢): ولو أنه لما دفع العرصة إليه قال له: ابنها لك سكنى إلى أن تموت، فبناها وسكنها ثم مات الدافع لم يكن لورثته إخراجه منها ما دام حياً، فإذا مات قضي على ورثة المدفوع إليه لورثة الدافع بتفريغ العرصة⁣(⁣٣).

  وهذا كالأول، المنع⁣(⁣٤) لورثة الدافع من إخراجه على سبيل الكراهة؛ لما بيناه، وذلك أن الوارث يقوم مقام الموروث فيما له وعليه، فيستحب لهم إتمام ما بذله مورثهم⁣(⁣٥)، فإذا مات ارتفعت الكراهة؛ لأن مدة الإعارة قد استوفيت. وهذا فيما زاد على الثلث، فأما مقدار الثلث فهو كالوصية له، وليس للورثة أن يمنعوه.


(١) الأحكام (٢/ ١٣٨).

(٢) في (أ، ج): مسألة: قال.

(٣) المنتخب (٥٥١).

(٤) في (هـ) في المنع.

(٥) في (ب، د): من مورثهم.