شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في التيمم

صفحة 338 - الجزء 1

  واجد إذا كان على الصورة التي ذكرنا، وذلك لا يكون إلا في آخر الوقت.

  ومن أصحابنا من استدل على ذلك بأن قال: قد ثبت أن الطلب للماء قبل التيمم واجب، وسيجيء ذلك بعد هذه المسألة.

مسألة: [في وقت وجوب طلب الماء وأنه لا يجزئ التيمم في أول الوقت]

  قال: ولا يجب الطلب إلا بعد وجوب الصلاة؛ لأنه تعالى قال: {إِذَا قُمۡتُمۡ إِلَى ٱلصَّلَوٰةِ فَٱغۡسِلُواْ وُجُوهَكُمۡ}⁣[المائدة: ٦]، ومعناه: أردتم القيام إلى الصلاة، وذلك لا يكون إلا بعد دخول وقتها ووجوبها، والطلب للماء يكون بعد وجوب التطهر، فإذا قد ثبت أن أول الوقت للطلب فلا يجزئ التيمم فيه، وليس بعد القول بالمنع⁣(⁣١) من جوازه في أول الوقت إلا قول من جوزه في آخره، فثبت بذلك ما ذهبنا إليه.

  ومما يعتمد عليه: ما أخبرنا به أبو العباس الحسني ¥، قال: أخبرنا محمد بن بلال، قال: أخبرنا محمد بن عبدالعزيز، قال: حدثنا الحماني، قال: حدثنا شريك، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي # في الجنب لا يجد الماء: (يتلوم ما بينه وبين آخر الوقت، فإن وجد الماء وإلا تيمم وصلى).

  فقوله: «يتلوم» على طريق الأمر دون الخبر؛ إذ لو كان على سبيل⁣(⁣٢) الخبر لم يكن صادقاً، والأمر يقتضي الوجوب.

  ومما يدل على ذلك: أنه قد ثبت أن الاعتداد بالشهور لا يجوز للمطلقة إلا بعد الإياس من القروء، فكذلك التيمم لا يجوز إلا بعد الإياس من الطهور، والعلة أنه بدل لا قربة في فعله مع المبدل، وليس ينتقض بشيء من أبدال الكفارات؛ لأن جميعها يجوز أن تكون قرباً بنفسها مع المبدل ومنفرداً عن المبدل، بل سائر أبدال الكفارات يشهد بصحة هذه العلة؛ لأنها لما صحت أن تكون


(١) في (ب): في المنع.

(٢) في (أ): طريق. نخ.