باب القول في الكفالة والحوالة
مسألة: [في موت المكفول بوجهه وفراره]
  قال: وإذا تكفل الرجل بوجه الرجل ثم مات المكفول به بطلت الكفالة، فإن فر المكفول به حبس الكفيل إلى أن يأتي بالمكفول(١) به، أو يخلص نفسه بتوفير ما على المكفول به تخريجاً(٢).
  قلنا: إن المكفول به إذا مات بطلت الكفالة لأنه عين اقتضى العقد تسليمه، فإذا مات وجب أن يبطل ذلك العقد؛ دليله السلعة المشتراة إذا تلفت في يد البائع قبل التسليم، ألا ترى أن تلفها يوجب بطلان العقد الموجب تسليمها، وهو عقد البيع، وكذلك العبد المستأجر إذا مات قبل التسليم بطل عقد الإجارة؟ فكذلك عقد الكفالة يجب أن يبطل بموت المكفول به(٣).
  وقلنا: إن المكفول به إذا فر حبس الكفيل لأن عليه حق التسليم، فهو مطالب به، كما أن العبد المشترى إذا أبق قبل التسليم يكون البائع مطالباً بتسليمه، أو تسليم ما أخذ من ثمنه إن اختار المشتري فسخ البيع، ولما رويناه عن علي # من حبسه من كفل بنفس رجل حتى جاء به.
  فأما إذا خلص نفسه بتوفير ما على المكفول به تبرعاً فيجب أن تسقط عنه المطالبة بالتسليم؛ لأن الغرض بالتسليم هو التمكن من استيفاء الحق، فإذا وفر هو الحق فلا وجه للمطالبة بعد ذلك.
  فإن قيل: ما أنكرتم أن يكون مطالباً بالحق الذي على المكفول به؟
  قيل له: [إنه ضمن](٤) [حضور المكفول به دون الحق، فلا يطالب بالحق،
(١) في المخطوطات: المكفول. والمثبت لفظ المنتخب.
(٢) هو منصوص عليه في المنتخب (٥٧٧).
(٣) في (هـ): فكذلك الكفالة إذا مات المكفول به يجب أن تبطل بموته.
(٤) ما بين المعقوفين من شرح القاضي زيد. ولفظه: جوابه: لا يلزم ذلك؛ لأنه ضمن حضور المتكفل به لا الحق الذي عليه، فكما إذا تكفل بالحق لم يطالب بالإحضار كذا إذا تكفل بالإحضار لم يطالب بالحق.