باب القول في محاربة أهل البغي
  وروى أبو بكر الجصاص في شرح الطحاوي بإسناده عن زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي $ قال: كان رسول الله ÷ إذا بعث جيشاً إلى المشركين قال: «انطلقوا باسم الله، وفي سبيل الله، وعلى ملة رسول الله، لا تقاتلوا القوم حتى تحتجوا عليهم»(١)، فإذا قال ذلك في الكفار الذين دماؤهم مباحة فأهل القبلة أولى بذلك، ومن المشهور أن علياً # كان لا يبدأ أحداً بقتال يوم الجمل وأيام صفين وأيام النهروان، وأنه كان يقدم أمامه الرسل، ويحتج عليهم، ويتقدم بذلك إلى أصحابه ويأمرهم به، ذكر ذلك في كثير من السير، فإن امتنعوا من الدخول في الحق وجب قتالهم؛ لقوله تعالى: {فَإِنۢ بَغَتْ إِحْدَيٰهُمَا عَلَي اَ۬لْأُخْرَيٰ ...} الآية [الحجرات: ٩]، ولما فعله علي # بعد الإعذار والإنذار، ولا خلاف فيه بين المسلمين.
مسألة: [فيما يغنم من أموال البغاة وفي سبيهم]
  قال: ويتغنم ما أجلبوا به على المحقين في عساكرهم، ولم يحل سبيهم(٢).
  وهو قول عامة علماء أهل البيت $ لا أحفظ فيه خلافاً، إلا ما في السير لمحمد بن عبدالله $. وذهب عامة الفقهاء إلى أن ما أجلبوا به(٣) وما لم يجلبوا ملك لهم لا يتغنم(٤). وروي عن أبي يوسف مثل قولنا، رواه الطحاوي في اختلاف الفقهاء(٥). قال أبو حنيفة: ينتفع أهل العدل بما لهم من السلاح والكراع ما دامت الحرب قائمة، فإذا وضعت الحرب أوزارها ردت على أربابها. ومنع الشافعي ذلك.
(١) شرح مختصر الطحاوي (٧/ ٢٩، ٣٠) وفيه: عن زيد بن علي عن أبيه عن علي بن أبي طالب، وكذا في السنن الكبرى للبيهقي (٩/ ١٥٤).
(٢) الأحكام (٢/ ٤٠٣).
(٣) «به» ساقط من (أ، ب، ج، د).
(٤) في (ب، د، هـ): لا يغنم.
(٥) مختصر اختلاف العلماء (٣/ ٥٢٠).