شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في صلاة الجمعة والعيدين

صفحة 656 - الجزء 1

وهذه جملة⁣(⁣١) تشتمل على خمس مسائل:

المسألة الأولى منها: [أن الجمعة تنعقد بثلاثة سوى الإمام]

  الذي يدل على أن الجمعة تنعقد بثلاثة سوى الإمام قول الله تعالى: {يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَوٰةِ مِن يَوۡمِ ٱلۡجُمُعَةِ فَٱسۡعَوۡاْ إِلَىٰ ذِكۡرِ ٱللَّهِ}⁣[الجمعة: ٩]، فاقتضى ظاهره وجوب السعي على قليل العدد وكثيره، إلا ما منع منه الدليل، فإذا صح ذلك بطل قول من قال: إنها لا تنعقد إلا بأربعين رجلاً.

  فإن قيل: لا يصح لكم الاستدلال بالآية إلا بعد ثبوت الجمعة، والخلاف في ثبوتها بهذا العدد.

  قيل له: ليس الأمر على ما قدرت، وذلك أن الله تعالى أمر بالسعي إلى الذكر إذا نودي للصلاة يوم الجمعة، ولم يعلقه تعالى إلا بالنداء دون العدد، فصح ما قلناه. على أن الجمعة اسم لأفعال مخصوصة، فإذا ورد الأمر بتلك الأفعال لزمت ولم يعتبر قول من يقول: إنها ليست بجمعة.

  ويدل على ذلك قول النبي ÷: «فرضت الجمعة عليكم في مقامي هذا»⁣(⁣٢) ولم يشترط العدد، فاقتضى ظاهره جوازها بأي عدد كان.

  وأيضاً روي أن النبي ÷ كتب وهو بمكة قبل الهجرة إلى مصعب بن عمير وهو في المدينة يأمره أن يصلي الجمعة بعد الزوال ركعتين، وبأن يخطب قبلها، فجمع مصعب في دار سعد بن خيثمة، وهم اثنا عشر رجلاً⁣(⁣٣). وروي أنه أول من جمع.


(١) في (د): الجملة.

(٢) هذا طرف من حديث أخرجه الإمام أبو طالب # في الأمالي (٣١٧، ٣١٨)، وابن ماجه (١/ ٣٤٣) والبيهقي (٣/ ٢٤٤).

(٣) أخرجه ابن سعد في الطبقات (٣/ ٨٧، ٨٨).