شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يجوز من الهبة وما لا يجوز

صفحة 463 - الجزء 4

كتاب الهبات والصدقات

باب القول فيما يجوز من الهبة وما لا يجوز

  كل ما جاز بيعه جازت هبته، وما لم يجز بيعه لم تجز هبته.

  الغرض بهذا بيان أن الهبة تتضمن معنى البيع، إلا أنها لا تتضمن بمجردها العوض، فكل ما جاز بيعه جازت هبته، وإن كان فيما لم يجز بيعه ما تجوز هبته لأمر يرجع إلى العوض، كبيع الكلب⁣(⁣١) وبيع لحوم الأضاحي، يبين ما قلنا: أن البيع يتضمن نقل الملك عن مالكه إلى غيره باختيارهما أو اختيار من يقوم مقامهما، وهكذا الهبة؛ لأن الملك ينتقل في البيع بالعوض، وينتقل في الهبة بغير عوض، فما جاز أخذ العوض فيه جازت هبته كما يجوز بيعه، وجاز بيعه كما تجوز هبته.

مسألة: [في عدم جواز هبة المجهول]

  قال: ولا تجوز هبة المجهول⁣(⁣٢).

  وهذا مما لا أعرف فيه خلافاً؛ لأنه تقرير الملك ونقله عن مالك قبله إلى مالك سواه كالبيع، فما لم يكن معلوماً بحيث لا يلتبس بغيره لا يصح ذلك فيه، كالإجارات والمناكح وأموال الشركة والبيوع، وهذا واجب في جميع ما ذكرناه؛ ليصح تناول العقد وتقرير الحق فيه⁣(⁣٣) ما أوجب انتقال الملك وما لم يوجب مما ذكرناه، فكذلك الهبة؛ إذ هي مما يوجب انتقال الملك، فكان ما ذكرناه من وجوب كونه معلوماً أوكد.

  وروى زيد بن علي عن أبيه عن جده عن علي $ أنه قال: (لا تجوز هبة ولا صدقة إلا أن تكون معلومة مقبوضة)⁣(⁣٤).


(١) لفظ شرح القاضي زيد: كالكلب على مذهب يحيى # ولحوم الأضاحي.

(٢) الأحكام (٢/ ١٤١).

(٣) «فيه» ساقط من (هـ).

(٤) مجموع الإمام زيد بن علي @ (٢٠٠).