شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في التيمم

صفحة 355 - الجزء 1

  على أن وجوب الإعادة ليس من القبول عندنا في شيء؛ لأنه قد تقبل الصلاة ثم تجب الإعادة؛ لأن معنى القبول هو الثواب، وقد بينا في المسألة الأولى أن المراد بذلك هو إذا تمكن الإنسان من الطهور.

  فإن عارضوا القياس الذي ذكرنا بقياسهم حاله بعد تقضي الوقت في وجوب الإعادة عليه على حاله قبله بعلة أنه صلى بغير الوضوء والتيمم - كان قياسنا أولى؛ بشهادة أصول الصلاة بذلك على ما بينا؛ ولأن علتنا مؤثرة عندنا وعند مخالفينا؛ ألا ترى أن من به سلس البول والاستحاضة⁣(⁣١) والذي لا يقدر على اللباس، والعاجز عن القراءة، لو لم يؤد صلاته بحسب الإمكان، وأخل بما يمكنه ألا يخل به من فروضها - لزمته الإعادة، ومتى أداها على ذلك لم تلزمه الإعادة؟ وعلتهم غير مؤثرة عندنا؛ لأن المصلي بغير الوضوء والتراب لا تلزمه الإعادة عندنا؛ لكونه مصلياً كذلك، فكل ذلك يبين أن علتنا أولى من علتهم.

مسألة: [فيمن لم يجد من الماء إلا ما يكفي بعض الأعضاء]

  قال القاسم #: ولو لم يجد إلا ماء يسيراً لا يكفي إلا الوجه واليدين فإنه يغسلهما ولا ييممهما، ولو لم يكف إلا الوجه غسله ويمم اليدين دون الوجه.

  وذلك منصوص عليه في كتابه المسمى بكتاب الطهارة⁣(⁣٢)، وفيه خلاف بيننا وبين أبي حنيفة من وجه، وخلاف بيننا وبين الشافعي من وجه.

  فأما أبو حنيفة فإنه يقول: إن الحالة إذا كانت هذه تيمم ولم يستعمل الماء، فالخلاف بيننا وبينه في وجوب استعمال الماء.

  والشافعي يقول: إنه يستعمل الماء ويتيمم، فالخلاف بيننا وبينه في ألا تيمم عليه، فإذا بينا هذين الموضعين صح مذهبنا.

  فالذي يدل على أنه يلزمه استعمال الماء قول الله تعالى: {إِذَا قُمۡتُمۡ إِلَى ٱلصَّلَوٰةِ


(١) في (أ): أو الاستحاضة.

(٢) مجموع الإمام القاسم (٢/ ٥١٢).