شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الاعتكاف و [القول في] ليلة القدر

صفحة 329 - الجزء 2

  فيأمرهم بها وهو قائم لا يجلس)⁣(⁣١).

  وأيضاً لا خلاف أنه يخرج لصلاة الجمعة، فوجب أن يجوز خروجه لصلاة الجنازة، قياساً عليها؛ والعلة أنها صلاة واجبة لا يصح فعلها في معتكفه، وإذا ثبت ذلك في الصلاة على الجنازة ثبت في عيادة المريض؛ إذ لم يفرق أحد بينهما.

  ولا خلاف بيننا وبين أصحاب أبي حنيفة أن الاعتكاف إذا كان تطوعاً جاز للمعتكف أن يعود المريض ويشهد الجنازة، فكذلك إذا كان الاعتكاف واجباً، والمعنى أن كل واحد منهما اعتكاف صحيح، فوجب ألا يفسد بهما.

  ومما يؤكد هذا القياس أنا وجدنا كل ما يفسد الاعتكاف إذا كان واجباً أفسده إذا كان تطوعاً، وهذا مما يمكن أن يحرر ويجعل قياساً.

  فأما الخروج من المسجد لقضاء الحاجة على الوجه الذي ذكرنا فمما لا اختلاف فيه.

مسألة: [في الأشياء التي يجوز للمعتكف فعلها وفيما يستحب له]

  قال: ولا بأس للمعتكف أن يتزوج ويزوج غيره، ويشهد على التزويج، ولكن لا يدخل بأهله، ولا بأس أن يكتحل ويدهن، ويتطيب بأي طيب شاء من مسك أو غيره، ويستحب له ألا يبيع ولا يشتري ولا يشتغل عن ذكر الله، وله أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر بلسانه ويده.

  وجميع ذلك منصوص عليه في الأحكام⁣(⁣٢).

  ووجه ما ذكرنا من جواز هذه الأمور للمعتكف أنها أمور أبيحت له قبل الاعتكاف، ولم يدل الدليل على أنها صارت محظورة بالاعتكاف، فهي على ما كانت عليه.

  وقلنا: لا يدخل بأهله لأن الدخول بأهله إما أن يكون جماعاً وهو مفسد


(١) مجموع الإمام زيد بن علي # (١٥١).

(٢) الأحكام (١/ ٢٤٦).