شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في تلف الرهن وانتقاصه وانتفاع المرتهن به

صفحة 409 - الجزء 4

  فإن شاركها بأن منع من صاحبه أو تصرف فيه الغاصب صار مضموناً كالأم؟ ومما يوضح الفرق بين ولد المرهونة وولد المبيعة: أن ولد المبيعة لا يصير مبيعاً، فلا يجب أن تصير أحكامه أحكام الأم من كل وجه، وولد المرهونة يصير مرهوناً، فيجب أن تصير أحكامه أحكام أمه.

  على أنا قد علمنا أن للمبيعة والمرهونة حكمين: أحدهما: الاحتباس بحق يتعلق بهما، وهو الحكم الذي اختص ذاتهما، فوجب سرايتهما⁣(⁣١) إلى ولديهما؛ لما بينهما من البعضية.

  والثاني: الضمان، وهو أمر منفصل عنهما، فيجب أن ينظر في سرايته، فالولد الذي شارك الأم فيما أوجب الضمان يجب أن يكون مضموناً، وضمان المبيعة يتعلق ثمنها بها، والولد لم يشاركها في هذا المعنى؛ لأنه لا يكون مبيعاً ولا يكون الثمن ثمنه، فلم يجب أن يكون مضموناً، وولد المرهونة مرهون، فقد شارك الأم فيما أوجب الضمان، فيجب أن يكون مضموناً.

مسألة: [في زراعة الراهن أو المرتهن للأرض المرهونة]

  قال: وليس للراهن أن يزرع الأرض المرهونة بغير إذن المرتهن، فإن زرعها كان الزرع رهناً مع الأصل، فإن تلف لم يضمنه المرتهن⁣(⁣٢).

  ليس للراهن ذلك لأنه إخراج للرهن من يد المرتهن، ولا يجوز ذلك، فإن فعل الراهن بغير علمه وزرع واحتمل وجب أن يكون الزرع رهناً مع الأرض، ولا يضمنه المرتهن إن تلف في يد الراهن؛ لأنه لا وجه لأن يضمن الشيء وهو في يد مالكه على ما بيناه في إعارة المرتهن الراهن رهنه.

  فإن زرعها المرتهن بإذن الراهن كان الزرع رهناً مع الأصل، ويضمنه المرتهن إن تلف⁣(⁣٣).


(١) كذا في المخطوطات.

(٢) المنتخب (٤٣٢).

(٣) المنتخب (٤٣٨).