باب القول في الاعتكاف و [القول في] ليلة القدر
  قيل له: هذا لا يدل على ما ذكرت؛ لأنه يجوز أن تكون أرادت بقولها: «معتكفه» الموضع الذي اتخذ للجلوس من جملة المسجد، يؤكد ذلك أنه من المعلوم أنه كان ÷ يصلي الفجر في المسجد، فلا بد من أن يكون دخوله المسجد قبل أن يصلي الفجر، والمسجد كله معتكف، إلا أنه يجوز أن تكون خصت بالذكر مجلسه ÷ من جملة المسجد، يؤكد ذلك ما رواه أبو داود في السنن عن نافع أنه قال: «أراني عبدالله - يعني ابن عمر - المكان الذي كان يعتكف فيه النبي ÷ من المسجد»(١) فإذا ثبت ذلك صح ما قلناه من أن المعتكِف يدخل المسجد قبل الفجر إلى العشاء؛ ليكون مستوفياً للنهار أجمع؛ لأنه لو دخل المسجد بعد طلوع الفجر أو خرج منه قبل وقت العشاء حصل اعتكافه في بعض النهار.
  وقلنا: إنه ينوي الاعتكاف لأن الاعتكاف لا يصح إلا بالنية كسائر العبادات؛ ولأنه لا خلاف فيه، ويدل عليه قوله ÷: «الأعمال بالنيات»، وقوله ÷: «وإنما لكل امرئ ما نوى».
  وقلنا: إنه إن أحب أن يوجبه على نفسه تلفظ به وقال: «لله عليَّ اعتكاف يوم، أو أيام» لأن الإيجاب طريقه اللفظ والنطق على ما بيناه في إيجاب الصوم بما يغني عن إعادته.
مسألة: [في أن الاعتكاف جائز في كل مسجد، وأنه لا يصح في غير مسجد]
  قال: والاعتكاف جائز في كل مسجد.
  وهذا منصوص عليه في الأحكام(٢)، وقال فيه(٣): الاعتكاف هو: إقامة الرجل في المسجد. فدل على أنه لا يجوز في غير المسجد.
(١) سنن أبي داود (٢/ ٢٠١).
(٢) الأحكام (١/ ٢٣٢).
(٣) الأحكام (١/ ٢٢٠).