شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في نكاح المماليك

صفحة 224 - الجزء 3

  متزوجة، ومع هذا لما ثبت فيها فراش لواحد لم يجز أن ينكحها غيره إلا بعد انقطاع حكم الفراش.

  يؤكد ذلك: أن أم الولد يتجاذبها حكم الرق وحكم العتق، وقد ثبت أن حكم العتق أولى لاشتماله على أحكام الحظر في الشرع؛ لأن العتق يزيل الرق، والرق لا يزيل العتق في دار الإسلام، فإذا ثبت ذلك وكان إنكاحها قبل استكمال الحرية إنكاحاً من غير اعتبار رضاها، وإنكاحها بعد العتق لا يثبت إلا برضاها، وكان نكاح الحرائر البالغات لا يكون إلا برضا منهن - وجب أن يكون النكاح الذي هو للحرائر أقوى، فكان القول به أولى.

  وأيضاً أصل المخالف هو الأمة، وكون الأمة أمة لا يختص بجواز إنكاحها؛ لأن الحرة في ذلك كالأمة، وأصلنا هي التي تكون قد صارت فراشاً، وهي تختص بالمنع من إنكاحها، فصار أصلنا بفرعنا أخص من أصلهم بفرعهم، فوجب أن يكون قياسنا أولى.

  ومما يدل على ذلك أيضاً أن أم الولد لا يجوز بيعها على وجه من الوجوه، فوجب ألا يجوز إنكاحها إلا برضاها؛ دليله الحرة البالغة. وإذا ثبت أنه لا يجوز إنكاحها إلا برضاها فلا قول بعده إلا قول من يقول: إنه لا يجوز إنكاحها إلا بعد العتق.

مسألة: [في نفقة الأمة المزوجة ونفقة أولادها وتصرف مالكها فيها]

  قال: وإذا تزوج الرجل أمة كانت نفقتها على من اشترطت عليه، فإن لم تكن شرطت كانت النفقة على الزوج إذا خلوا بينه وبينها. وليس لمواليها أن يمنعوها من زوجها ومن المبيت عنده، ولهم أن يخرجوها من بلدهم إلى غيره، وكذلك لهم أن يبيعوها. فإن أولدها كانت نفقة الأولاد على مولى الأمة إلا أن تكون اشترطت على أبيهم، فإن كانت اشترطت على أبيهم لزمته.