باب القول في الإحصار وفيمن يأتي الميقات عليلا
  وإذا ثبت بما بيناه وجوب انعقاد الإحرام عليه ثبت أنه محرم، وثبت سائر ما ذكرناه من أنه يجنب ما يتجنبه المحرم، وأنه إذا ألبس أو طيب لحاجة إليه لزمته الفدية وتجزئه حجته.
مسألة: [في أن المحرم إذا مات لم يغط رأسه ولم يحنط بحنوط فيه طيب]
  قال: وإن مات وهو محرم لم يغط رأسه، ولم يحنط بحنوط فيه طيب.
  وهذا منصوص عليه في الأحكام والمنتخب(١).
  والأصل فيه: ما أخبرنا به أبو الحسين بن إسماعيل، قال: حدثنا ابن اليمان، قال: حدثنا ابن شجاع، قال: حدثنا الحسين الجعفي، عن ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: كنا مع النبي ÷ فخر رجل من بعيره فوقص فمات، فقال النبي ÷: «اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبيه، ولا تخمروا رأسه، فإن الله سبحانه يبعثه يوم القيامة مهلاً»، وفي بعض الأخبار: «لا تقربوه طيباً»(٢).
  وروى ابن أبي شيبة، قال: حدثنا هشيم بن بشير، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: أن رجلاً كان مع النبي ÷ وهو محرم فوقصته ناقته فمات، فقال النبي ÷: «اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبيه، ولا تغطوا رأسه، ولا تمسوه بطيب؛ فإن الله سبحانه يبعثه يوم القيامة ملبياً»(٣).
  ووجه الاستدلال من الخبر أنه ÷ قضى في المحرم الذي مات بألا يغطى رأسه ولا يقرب طيباً، وقضاؤه على الواحد قضاء على الجماعة، فيجب أن يكون ذلك حكم كل محرم إذا مات(٤).
(١) الأحكام (١/ ٢٧٦) والمنتخب (١٩٧).
(٢) أخرجه مسلم (٢/ ٨٦٧) وأبو داود (٢/ ٤٢٨).
(٣) المصنف (٣/ ٣٠٣).
(٤) في (أ، ج) ونسخة في (د): فيجب أن يكون ذلك قضاء على كل محرم وحكمه إذا مات.