باب القول في الشهادات
مسألة: [فيما لا تجوز فيه شهادة النساء وحدهن ولا مع الرجال]
  قال: ولا تجوز شهادتهن وحدهن ولا مع الرجال في الحدود والقصاص.
  أما الحدود فلا خلاف أن شهادة النساء فيها غير مقبولة على وجه من الوجوه، والقصاص أيضاً لم يختلف فيه العلماء في أن شهادتهن فيه غير مقبولة، إلا ما حكي(١) عن الأوزاعي والثوري أنها تجوز، وقد روي عنه أيضاً خلاف ذلك.
  والوجه فيه ما روي عن الزهري قال: مضت السنة من رسول الله ÷ والخليفتين من بعده ألا تجوز شهادة النساء في الحدود والقصاص(٢).
  وأيضاً لا خلاف أنها لا تجوز في الحدود، فكذلك في القصاص، والمعنى أنه مما يسقط بالشبهة.
  فإن قيل: هو حق لآدمي، فوجب أن تقبل فيه شهادة النساء.
  قيل له: حد القذف هو أيضاً حق يتعلق بالآدمي [فوجب أن تقبل فيه شهادة النساء](٣) ولكن لما كانت الشبهة تسقطه لم تقبل فيه شهادة النساء، كذلك(٤) القصاص.
مسألة: [في شهادة الصبي بعد البلوغ والكافر بعد الإسلام بشيء عرفاه قبل ذلك]
  قال: وإذا شهد الصبي بعد البلوغ ومن كان كافراً بعد الإسلام بشيء عرفاه قبل جواز شهادتهما جاز(٥).
  وهذا مما لا أحفظ فيه خلافاً؛ لأن الاعتبار بالشهود(٦) إنما هو في حال الأداء
(١) في (ب، د، هـ): يحكى.
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٥/ ٥٣٣) دون قوله: والقصاص.
(٣) ما بين المعقوفين من (أ، ج)، ولعل حذفه كما في بقية النسخ هو الصواب.
(٤) في (هـ): فكذلك.
(٥) الأحكام (٢/ ٣٥٨) والمنتخب (٥٢٠).
(٦) في شرح القاضي زيد: لأن الاعتبار في صحة شهادة الشهود.