باب القول في النذر بالحج وما يتعلق به
  وروى بإسناده أن الحسين بن علي @ كان يمشي في الحج ودوابه تقاد.
  وروى هناد بإسناده إلى ابن عباس أنه قال بعدما ذهب بصره: ما آسى على شيء من الدنيا إلا على شيء واحد: أن أكون مشيت إلى بيت الله الحرام، فإني سمعت الله تعالى يقول: {يَأْتُوكَ رِجَالاٗ وَعَلَيٰ كُلِّ ضَامِرٖ}[الحج: ٢٥].
  ووجه استحبابنا إن كان الركوب أكثر من المشي أن يهدي بدنة، وإن كان مثله أن يهدي بقرة - لأن(١) الدم لما كان جبراً للمشي، وكان ما يجب أن يجبر أكثر، أحببنا أن يكون الجبر أعظم؛ لأن هذا هو الأصل في أعمال الحج والعمرة التي تجبر، ألا ترى أن المفسد لإحرامه بالوطء يلزمه بدنة؟ ومن قتل من الصيد ما هو أعظم كان جزاؤه أعظم، وكذلك سائر ما يجبر منه.
  وقلنا: إن الشاة تجزئ لأن النبي ÷ أمرها أن تركب وتهدي، ولم يراع كثرة الركوب وقلته. وما روي عن أمير المؤمنين من قوله: (فليهد بدنة) محمول على الاستحباب فيمن كان مشيه أقل؛ إذ لا أحد قال في ذلك بالإيجاب، وكذلك حديث زيد بن علي $ يدل على ذلك، وبه قال أبو حنيفة.
مسألة: [في أن من نذر بالمشي إلى بيت الله الحرام إن نوى حجاً أو عمرة فله نيته، وإلا أجزته عمرة]
  قال القاسم # فيمن قال لله علي المشي إلى بيت الله الحرام: له نيته إن نوى حجاً أو عمرة، فإن لم يكن له نية أجزأته عمرة واحدة.
  وهذا منصوص عليه في باب الأيمان من مسائل النيروسي، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه.
  ووجهه: ما قد بيناه أنه إذا قال: «علي المشي إلى بيت الله الحرام» فقد تضمن إيجابه الإحرام بحجة أو عمرة، فإن كانت له نية في إحداهما فكان اللفظ أوجب
(١) كذا في المخطوطات، ولعلها: أن.