باب القول في خيار البيعين
مسألة: [في الخيار يكون للبائع والمشتري جميعاً فماتا أو أحدهما]
  قال: ولو كان الخيار للبائع والمشتري جميعاً فماتا أو مات أحدهما بطل الخيار وثبت البيع(١).
  تحصيله: أن من مات منهما بطل خياره، فإن ماتا جميعاً بطل خيارهما(٢)، ومن بقي بقي خياره منهما. وبه قال أبو حنيفة وأصحابه، وقال الشافعي: الخيار يورث.
  ووجهه: أنه حق يسقطه مرور الزمان مع السكوت، فوجب ألا يورث؛ دليله خيار القبول، ويقاس عليه وعلى خيار الوصي(٣) يفسخ الوصية في أنه لا يورث؛ بعلة أنه خيار لا يجوز أن يتحول مالاً كخيار الرد بالعيب؛ ألا ترى أن العبد المعيب لو مات في يد المشتري رجع على البائع بأرش العيب، فيتحول خياره مالاً؟ ويجوز أيضاً أن يصالح عنه على مال فيتحول مالاً.
  فإن قيل: الخيار إنما جعل لتدارك ندامة إن لحقت، أو عيب إن ظهر، والوارث والموروث في هذا سواء.
  قيل له: وكذلك خيار القبول جعل ليقبل المشتري إن رأى حظاً أو يترك إن رأى غبناً، ويستوي في هذا الوارث والموروث، ولا يجب أن يورث، فكذلك خيار الشرط.
  فإن قيل: هو حق ثبت إلى أن مات من هو له، فيجب أن يورث كسائر الحقوق.
  قيل له: هذا منتقض بخيار القبول وخيار الوصية.
  قال: وكذلك إن جاز الوقت الذي هو أمد الخيار وسكت بطل الخيار(٤).
(١) الأحكام (٢/ ٣٣).
(٢) في (د): خياراهما.
(٣) كذا في المخطوطات. والصواب: الموصي. قال في شرح مختصر الطحاوي (٣/ ١٥): وأشبه أيضاً الوصية أن للموصي الخيار في فسخها قبل الموت، ولا ينتقل هذا الخيار إلى وارثه.
(٤) الأحكام (٢/ ٣٣).