شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الرضاع

صفحة 493 - الجزء 3

  ووجهه: أن الاعتبار بوصول اللبن إلى جوف الصبي على وجه يغذي دون ما سواه، فكل لبن جرى في الحلق ووصل إلى المعدة حصل له حكم التحريم، يبين ذلك قوله ÷: «إنما الرضاعة من المجاعة» وقوله: «الرضاع ما أنبت اللحم وأنشز العظم» ولا فصل في ذلك بين أن يرتضعه⁣(⁣١) من الثدي أو يسقى⁣(⁣٢) باللخاء.

فصل: [في أن لبن الميتة يحرم]

  حكى أبو العباس الحسني عن القاسم ® أنه قال في لبن الميتة: إنه يحرم، وبه قال أبو حنيفة. قال الشافعي: إنه لا يحرم.

  ووجه ما ذهبنا إليه: أن التحريم يتعلق بحصول اللبن في جوفه، فلا فرق بين أن يكون لبن الحية أو الميتة.

  ويمكن أن يحرر القياس فيه بأن يقال: هو لبن آدمية فوجب أن يصح تعلق التحريم به؛ دليله لبن الحية.

  على أنه لا خلاف أنه لو أخذ في قارورة وهي حية ثم سقي الصبي بعد موتها أن التحريم يقع به، فكذلك إذا أخذ منها وقد ماتت؛ لأن الحكم به يتعلق.

  فإن قيل: وطء الميتة والعقد عليها إذا لم يوجبا التحريم فكذلك لبن الميتة.

  قيل له: قد بينا أن التحريم يتعلق بحصول اللبن في جوف الصبي، واللبن لا يلحقه حكم الموت؛ لأنه لا حياة فيه؛ بدلالة أنه يؤخذ من الحي فلا يألم به، كما قلناه في الصوف والشعر، فوجب ألا يكون فرق بين أن يؤخذ من الحية أو الميتة، وليس كذلك حال الوطء والعقد؛ لأن التي يتعلقان بها إذا ماتت تغير حكمهما. على أنه لا فرق بين أن يخرج الولد من الحية أو الميتة في الجميع⁣(⁣٣) لما كان في حكم


(١) في (ج، د): يرضعه.

(٢) في (أ): يستقى.

(٣) كذا في المخطوطات.