شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيمن يقتل حدا

صفحة 297 - الجزء 5

  واقتص منهم ولم يحدوا⁣(⁣١)، وبه قال العلماء الذين حفظت أقوالهم، مثل أبي حنيفة والشافعي وأصحاب أبي حنيفة وغيرهم؛ لقول الله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ اُ۬لْقِصَاصُ فِے اِ۬لْقَتْلَيۖ}⁣[البقرة: ١٧٨] ولقول النبي ÷: «على اليد رد ما أخذت» وقوله: «لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه».

مسألة: [في مراسلة المحارب للإمام بالتوبة]

  قال: ولو أن المحارب راسل الإمام وكاتبه بتوبة⁣(⁣٢) وسأل الأمان لزم الإمام أن يقبل توبته إن رأى ذلك صلاحاً للمسلمين⁣(⁣٣).

  وذلك أن الإمام الناظر في أمور المسلمين والمتحري لمصالحهم، فإن رأى ذلك صلاحاً لزمه فعله، وإن رأى ذلك ضرباً من الخديعة من المحارب أو مؤدياً إلى تجرئة غيره على مثل ما فعله فله ألا يجيبه إليه.

  فإن قيل: هل يجوز أن تكون التوبة غير مقبولة.

  قيل له: أما بينه وبين الله تعالى فهي مقبولة إن كان قد أخلص النية، وإنما للإمام أن يمتنع من أمانه إن رأى ذلك ضرباً من الفساد، فإن هو تاب على البعد ومن قبل أن يقدر⁣(⁣٤) عليه حتى ظهر ذلك وعرف منه كان آمناً وإن لم يؤمنه الإمام؛ لقوله ø: {إِلَّا اَ۬لذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اَ۬للَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٞۖ ٣٦}⁣[المائدة].

  قال: فإنه أمنه الإمام وقبل توبته سقط عنه⁣(⁣٥) جميع ذلك⁣(⁣٦).

  ووجهه ما تقدم، فلا غرض في إعادته.


(١) مجموع الإمام زيد بن علي @ (٢٤٤).

(٢) في (هـ): بتوبته.

(٣) الأحكام (٢/ ١٩٦) والمنتخب (٦٣٨).

(٤) في (أ، ج): ومن غير أن نقدر.

(٥) «عنه» ساقط من (أ، ج).

(٦) الأحكام (٢/ ١٩٦) والمنتخب (٦٣٨).