باب القول فيما يوجب الكفارة
  يجعل للكفر الواقع على سبيل الإكراه حكماً، فكذلك اليمين؛ إذ ليست اليمين أعظم من الكفر. وروي عن النبي ÷ أنه قال: «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه». ويشبه الصغير والمعتوه؛ لأن عقده كلا عقد. وأيضاً من أتيت بالزنا وهي مكرهة، ومن أتى بكلمة الكفر وهو مكره - في حكم من لم يأت بالزنا ومن لم يأت بكلمة الكفر، فكذلك من أتى باليمين وهو مكره فهو في حكم من لم يأت بها، والعلة أنه مكره على ما أتى من القول مما لا يتعلق بحقوق بني آدم. ويمكن أن يقاس على كلمة الكفر خصوصاً بعلة أنه مكره على ما أتى من القول، وتشهد له البيوع والهبات وغيرها من العقود، والإبراء من الحقوق؛ لأن شيئاً منها لا يقع وهو مكره، فبان به صحة ما ذهبنا إليه.
  وقوله: إلا أن يكون ظالماً أراد إذا كان المكرِه حاكماً والممتنع من اليمين ظالماً، وقد مضى في صدر الكتاب أن النية في مثله نية المحلف.
مسألة: [في أن الحلف من الصغير لا يوجب الكفارة ولو لم يحنث إلا في حال كبره]
  قال: ولو أن صبياً حلف في صغره(١) ثم حنث في صغره أو كبره لم تلزمه الكفارة، وكذلك إن حلف بالطلاق والعتاق في حال صغره ثم حنث لم يلزمه شيء(٢).
  وهذا مما لا خلاف فيه؛ لأنه ممن لا عقود له، ولقوله ÷: «رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق، وعن الصبي حتى يحتلم».
(١) في (د): «في حال صغره». في الموضعين.
(٢) الأحكام (٢/ ١٣١) والمنتخب (٣١٣).