باب القول فيما يؤخذ من أهل الذمة
  أن سائر أموالهم لا يجب فيه حق بحكم الجزية المطلقة، بل هي لمصالحة وقعت، فكذلك المماليك؛ لأنهم من جملة أموالهم.
  ولا يلزم على ذلك ما نأخذه من نصارى بني تغلب؛ لأن المأخوذ منهم ليس بحكم الجزية المطلقة، بل هي لمصالحة وقعت معهم(١)، فلا يكون ذلك نقضاً لعلتنا.
  وأيضاً لو وجب ذلك لوجبت(٢) على المسلم عن عبده الذمي، وهذا فاسد؛ لأنه مال الصغار، ولا صغار على مسلم.
مسألة: [فيما يؤخذ من بني تغلب]
  قال: ويؤخذ من بني تغلب - نصارى الجزيرة - ضعف ما يؤخذ من المسلمين من زكاتهم إلى آخر الفصل.
  وجميع ذلك منصوص عليه في الأحكام والمنتخب(٣).
  وذكر يحيى بن الحسين # فيهما أن ذلك مما وقعت المصالحة عليه معهم بدلاً من الجزية.
  ولا خلاف أن ما يجري بيننا وبينهم من المصالحة في هذا الباب جائز ماض.
  والأصل فيه ما روي أنهم أنفوا من الجزية وهموا بالانتقال إلى دار الحرب، فصالحهم عمر على ذلك فرضوا به(٤).
  قال أبو العباس الحسني |: قد روي أن النبي ÷ كان صالحهم على ذلك، فإن صح ذلك فيجب أن يكون ما جرى من عمر في هذا الباب كالتقرير لذلك الصلح المتقدم والتأكيد له، وأي ذلك كان فلا التباس في أن ذلك حكمهم اليوم؛ إذ قد تقرر ذلك في زمان عمر بمحضر من الصحابة واتفاق كلمة.
(١) في (أ، ب، ج): عليهم.
(٢) في (ج، د): لوجب.
(٣) الأحكام (١/ ٢٠٢)، والمنتخب (١٧٦).
(٤) رواه أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب الأموال (١/ ٧٠).