شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الظهار

صفحة 395 - الجزء 3

مسألة: [في مظاهرة الرجل من زوجته مرات كثيرة]

  قال: ولو أن رجلاً ظاهر من امرأته مرات كثيرة أجزته عن جميعها كفارة واحدة إن لم يكن كفر بينهن، فإن كان ظاهر ثم كفر ثم ظاهر وجب عليه كفارة بعد كفارة عن كل ظهار، قل عدده أو كثر.

  وهذا منصوص عليه في الأحكام⁣(⁣١).

  قال أبو حنيفة: عليه لكل ظهار كفارة إلا أن يكون نوى بالثاني الأول، وهذا هو القول الجديد للشافعي، وقوله القديم مثل قولنا، وقال زيد بن علي @: إن كان قال ذلك في مجلس واحد ففيه كفارة، وإن قاله في مجالس شتى فلكل ما قاله في مجلس كفارة.

  ووجه ما ذهبنا إليه: أنه لا خلاف في أنه لا فصل بين أن يقول الرجل لزوجته: «أنت طالق» وبين أن يقول: «أنت طالق أنت طالق» في أن الرجعة الواحدة تكفي لرفع ما حصل من التحريم، فوجب ألا يكون فصل بين قوله: «أنت عليَّ كظهر أمي» وبين أن يقع ذلك مكرراً في أن الكفارة الواحدة تكفي في رفع ما وقع من التحريم، والعلة أنه لفظ له مدخل في تحريم الوطء فوجب أن يكون تكريره لا يوجب تكرير ما يرفع التحريم.

  ويدل على ذلك أيضاً: أنهم لا يختلفون في أن من كرر الظهار وأراد بالثاني والثالث الأول فليس عليه إلا كفارة واحدة، فكذلك إن نوى ظهاراً بعد ظهار، والمعنى أنه كرر لفظ الظهار من غير أن كان كفر ما تقدم فوجب أن تجزئه كفارة واحدة.

  يؤكد ما ذكرناه: أنا وجدنا في الأصول كل لفظة ترفع حكماً فلا تأثير لتكريرها ما لم يكن ارتفع حكم اللفظة الأولى، كلفظ البيع والهبة والوقف والإجارة والنكاح والطلاق والعتاق، فإذا ثبت ذلك وجب ألا يكون لتكرير


(١) الأحكام (١/ ٤١٣).