شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الشهادات

صفحة 250 - الجزء 6

  وقياس قول أصحابنا أن كتاب القاضي إلى القاضي لا يقبل في الحدود والقصاص، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه؛ قياساً على شهادة النساء والشهادة على الشهادة.

مسألة: [في اختلاف الشاهدين في موضع الإقرار أو الزنا]

  قال: وإذا شهد رجلان على إقرار رجل بحق واختلفا في الموضع الذي أقر فيه كانت الشهادة جائزة، وإن شهدا على رجل بالزنا واختلفا في الموضع الذي زنى فيه كانت الشهادة باطلة⁣(⁣١).

  أما في الإقرار فلا خلاف في أن اختلاف المواضع لا يؤثر فيه؛ لأن ذلك لا يوجب تغاير الحق حتى تحمل شهادة كل واحد منهما على أنها شهادة بغير الحق الذي شهد على الإقرار به [صاحبه]⁣(⁣٢).

  وأما الزنا فلا خلاف أيضاً فيه إلا ما حكي عن أبي حنيفة أن الشهود إذا اختلفوا في موضع من بيت واحد جازت الشهادة، وحققه أصحابه في البيت الصغير دون البيت الواسع المتباعد الأطراف.

  وإنما وجب فساد هذه الشهادة لأن اختلاف مواضع الزنا يوجب تغاير الزنا؛ لأن الزنا الواقع في موضع بعينه غير الزنا الواقع في موضع آخر، فإذا اختلفوا في موضعه فكأن الشهادة لم تتم على زنا واحد، فلذلك وجب سقوطها. على أن أصحاب أبي حنيفة يقولون: إن القياس يوجب خلاف قولهم، وإن ذلك استحسان. فكان الصحيح ما قلناه. على أن الحدود تدرأ بالشبهات، وأقل ما في ذلك أن يكون ذلك شبهة، فوجب ألا يحكم بها.


(١) المنتخب (٥١٦، ٥١٨).

(٢) ما بين المعقوفين مظنن به في (هـ).