شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في صيد الماء

صفحة 390 - الجزء 6

  إليهم حوتاً فأكلوا منه⁣(⁣١) أياماً⁣(⁣٢)، ثم ذكروا ذلك لرسول الله ÷، فقال: «إن كان بقي معكم شيء فابعثوا به إلينا»⁣(⁣٣).

  قيل له: يجوز أن يكون البحر ألقاه حياً [ثم مات، فذلك يجوز أكله؛ إذ ليس في الخبر أن البحر ألقاه ميتاً]⁣(⁣٤).

  فأما ما ذهب إليه أبو حنيفة من أنه يعتبر فيه ألا يكون قد مات حتف أنفه، بأن يكون مات من حر الماء أو برده، أو بأن تقتل الحيتان بعضها بعضاً - فلا يصح؛ لأن اسم الطافي يجمع ذلك كله، وعموم قوله ÷: «ما وجدته طافياً فلا تأكله» يقتضي تحريمه؛ لأنه لم يخص طافياً من طاف، ويدل على ذلك قول علي #: (إلا أن تدركه متحركاً) يعني ما ألقاه البحر أو جزر عنه. وأيضاً هو مما مات في الماء بغير سبب كان ممن اصطاده، فوجب ألا يجوز أكله؛ دليله الطافي. على أن ما جوزنا أكله لا خلاف فيه، وما عداه مختلف فيه.

مسألة: [في الحيتان التي دخلت حظيرة حظرت في جانب الماء وسد عليها]

  قال: ولو أن إنساناً حظر حظيرة في جانب من⁣(⁣٥) الماء فدخلها الحيتان وسد عليها صاحب الحظيرة فما طفا منها فوق الماء فهو ميت لا خير فيه، وما بقي فيها حتى ينضب عنه الماء ويبقى في الحظيرة على وجه الأرض فلا بأس بأكله، ميتاً كان أو حياً⁣(⁣٦).

  وهذا إذا كان الماء قائماً فوق الحظيرة ووجده فوق الماء طافياً لا يعلم أن موته


(١) في (أ، ج): منها.

(٢) في (ب، د، هـ): ثلاثاً.

(٣) أخرج نحوه البخاري (٥/ ١٦٧) ومسلم (٣/ ١٥٣٥) وبهذا اللفظ النسائي (٧/ ٢٠٨) وأحمد في المسند (٢٢/ ١٥٩).

(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (ب، د، هـ).

(٥) «من» ساقط من (ب، د).

(٦) الأحكام (٢/ ٢٩٧).