شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يجب على المحرم من الكفارات

صفحة 542 - الجزء 2

مسألة: [في المحرم يخلي كلبه فيقتل صيداً في الحرم]

  قال: ولو أنه خلى كلبه على ظبي في الحرم فلحقه الكلب خارج الحرم وقتله فعليه القيمة مع الجزاء، وكذلك إن خلى كلبه عليه في الحل فلحقه في الحرم وقتله فعليه القيمة مع الجزاء.

  وهذا منصوص عليه في المنتخب⁣(⁣١).

  المراد بقولنا: «إذا خلى كلبه على ظبي في الحرم» هو أن يكون الظبي في الحرم حين الإغراء حتى يكون الكلب هو الذي يطرده حتى يخرج عن الحرم، فإذا كان هذا هكذا فيجب أن تلزمه القيمة؛ لأن الجنايات المؤديات إلى تلف الصيد وقعت والصيد في الحرم.

  يبين ذلك: أن إغراء الكلب مثل الرمي؛ بدلالة أنه إذا أغراه من لا تؤكل ذبيحته لم يجز أكل ما قتله، وإن أغراه من تؤكل ذبيحته جاز أكله، فبان أن الإغراء مثل الرمي. على أن الإغراء أوكد من الدلالة، فإذا قلنا: إنه تلزمه القيمة إذا دل كان إذا أغرى الكلب أولى أن تلزمه.

  وكذلك إذا خلى الكلب في الحل فلحق الصيد في الحرم وقتله؛ لأن القتل وقع والصيد في الحرم، فوجب أن تلزمه قيمته؛ لأن قتل الكلب الذي أغراه بمنزلة ما يتولاه هو من القتل، على ما أوضحناه من أن الإغراء كالرمي.

  وأبو حنيفة فصل في هذه المسألة الأخيرة بين الرمي والإغراء فقال: إذا رمى وهو في الحل فأصاب صيداً في الحرم⁣(⁣٢) فعليه الجزاء، وإن أغرى كلباً في الحل على صيد في الحل فلحقه في الحرم وقتله فيه أنه لا جزاء عليه. وفصل أصحابه بينهما⁣(⁣٣) بأن مرور السهم من فعله، ومرور الكلب في الحرم ليس من فعله. وهذا


(١) المنتخب (١٩٢).

(٢) في (أ، ج): وهو في الحرم.

(٣) في (أ): فيهما.