شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في المكاتبة

صفحة 56 - الجزء 5

  وهو المولى، فوجب ألا يبطله موت صاحبه؛ دليله عقد البيع وعقد الإجارة عندنا وعند الشافعي، وعكسه عقد النكاح لما أبطله موت أحد المتعاقدين أبطله موت الآخر، أو يقال: إنه عقد معاوضة لا يصح إلا بالعوض ويصح بقاؤه مع الموت، فوجب ألا يبطله الموت؛ دليله ما ذكرنا من البيع والإجارة.

  واحترزنا بقولنا: يصح بقاؤه مع الموت من العبد المستأجر إذا مات، وذلك أن منافعه قد بطلت، ولا⁣(⁣١) يمكن استيفاؤها مع موته.

  وأيضاً لما أجمعوا أن موت المولى لا يبطل الكتابة لصحة إمكان الأداء فوجب⁣(⁣٢) ألا يبطلها موت المكاتب لصحة إمكان الأداء.

  فإذا ثبت ما بيناه فإن مات عن وفاء أدي عنه وعتق أولاده - لدخولهم في الكتابة - مع أمهم؛ لأنهم ملكوا أمهم لما عتقوا فوجب أن تعتق، وإن لم يكن له وفاء وأداه الولد أو أم الولد عن الولد كان كذلك لما بيناه، وإن لم يكن له وفاء وعجز من ذكرنا استرقوا، ولم يحكم للميت بالعتق، لا خلاف فيه.

مسألة: [في اختيار بعض الأولاد الحرية وبعضهم الرق]

  قال: وإن اختار بعض الأولاد الرق واختار بعضهم العتق، وأدى الذين اختاروا العتق - عتق الجميع⁣(⁣٣).

  ووجهه: أن العتق والرق غير موقوفين على الاختيار الذي يكون منهم، وإنما هما موقوفان على الأداء والعجز، فمتى وقع الأداء وقع العتق وإن لم يختاروا العتق، ومتى عجزوا حصل الرق وإن كرهوا، فإذا ثبت ذلك صح ما قال من أن الأداء إذا وقع من بعضهم عتق الجميع لحصول الأداء، وحكم - على ما بيناه - لأمهم بالعتق.


(١) في (أ، ج): ولم.

(٢) كذا في المخطوطات.

(٣) الأحكام (٢/ ٣٤٠).