شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الهدي

صفحة 590 - الجزء 2

  يجوز صيام الثلاثة بعده؛ قياساً عليه، والمعنى أنه صوم مرتب على الحج، فوجب ألا يصح فعله على خلاف ما رتب عليه. وأيضاً هو عبادة مؤقتة مفعولة بدلاً عن أصل، فإذا فات وجب ألا يقضي، ويرجع إلى الأصل، دليله الجمعة إذا فاتت لم تقض، ووجب الرجوع إلى الأصل الذي هو الظهر.

  فإن قيل: لسنا نسلم أن الجمعة بدل من الظهر، بل هي أصل.

  قيل له: هذا خلاف في العبارة: لأنا لا نريد أكثر من أنه إذا فعل الجمعة بشروطها سقط الظهر، وأنه لا يسقط الظهر إلا بفعلها. وعلتنا تترجح بالحظر والاحتياط. وقياسنا في رد حكم الثلاثة إلى السبعة أولى من قياسهم؛ لأنه رد الشيء إلى جنسه.

مسألة: [في نتاج الهدي ولبنه]

  قال: وإن ساق بدنة فنتجت في الطريق فهي وما نتجت هدي، ولا يجوز أن يشرب من لبنها، بل يترك في ضرعها ما فضل عن ولدها، فإن خشي من تركه في الضرع ضرراً حلبه وتصدق به على المساكين، وإن شرب هو أو بعض خدمه منه تصدق بقيمة ما شرب على المساكين. وكذلك القول في البقرة والشاة.

  وهذا منصوص عليه في الأحكام⁣(⁣١).

  ووجه قولنا: إن البدنة إذا نتجت صار ولدها هدياً: أن القربة التي تعلقت بالرقبة تسري إليه؛ لأن العقود والقرب التي تتعلق بالرقاب تسري إلى الأولاد، كما نقول ذلك في ولد المبيعة وولد المرهونة وولد⁣(⁣٢) المعتقة.

  وروى ابن أبي شيبة بإسناده عن ابن عمر أنه كان يحمل ولد البدنة عليها⁣(⁣٣).

  ووجه منعنا له من الانتفاع بلبنها: أن اللبن منها وتابع لها في حكمها، فلم


(١) الأحكام (١/ ٣٠٣).

(٢) في (أ): وكذلك، وعليها: وولد. نسخة.

(٣) المصنف (٣/ ٣٩٠).