باب القول في حد القاذف
  قال: ولا فصل في جميع ذلك بين أن يكون القاذف والمقذوف ذكراً أو أنثى.
  وذلك مما لا خلاف فيه؛ لأن الذكورة والأنوثة سواء فيما يجب له أو عليه في باب الحدود، لا خلاف فيه.
مسألة: [في عدم الفرق بين التصريح والكناية في القذف]
  قال: ولا فصل بين أن يصرح القول(١) فيقول: يا زاني، أو يكني عنه في لزوم الحد.
  الكناية نحو أن يقول: لست ابن فلان، يعني من نسب إليه، أو يقول: يا فاعلاً بأمه، جميع ذلك وما جرى مجراه كناية عن الزنا، فيجب فيه الحد، ولا أحفظ فيه خلافاً؛ لقوله تعالى: {وَالذِينَ يَرْمُونَ اَ۬لْمُحْصَنَٰتِ}[النور: ٤] وهذا قد رمى.
  فأما التعريض فلا حد فيه، والفصل بينه وبين الكناية أن الكناية هي التي تكون موضوعة للرمي بالزنا وإن احتمل غيره، والتعريض ما يكون موضوعه لغير الرمي بالزنا وإن احتمل ذلك.
  فأما أصحاب أبي حنيفة فإنهم قالوا: لا حد في الكناية والتعريض. ويشبه أن يكون خلافهم لنا في العبارة دون المعنى؛ لأنهم قد نصوا على أن(٢) من قال: لست ابن فلان، يعني من ينسب إليه(٣)، وهذا الجنس يعنى بالكناية.
  فأما التعريض فكقول الرجل: إني لست بزان، أو يقول: نتبين من الزاني مني ومنك، وما أشبه ذلك. وحكي عن مالك أن في جميعه حد القاذف، وذلك لا معنى له؛ لأنه لم يأت بلفظ موضوع للزنى.
  وقلنا في قوله: لست ابن فلان: إنه كان كناية لأنه يحتمل أن يكون أراد
(١) في (هـ): بالقول.
(٢) «أن» ساقط من (أ، ب، ج، د).
(٣) في (هـ) هنا بياض قدر كلمة.