شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في كيفية وجوب الزكاة

صفحة 15 - الجزء 2

مسألة: [في أن الدين المستغرق للمال غير مسقط للزكاة]

  ومن كان عليه دين يستغرق ماله أو يفي عليه لم يسقط لذلك زكاة ماله.

  وقد نص يحيى بن الحسين # في الأحكام والمنتخب⁣(⁣١) جميعاً على أن الدين لا يسقط الزكاة.

  والدليل على ذلك قول الله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَٰلِهِمْ صَدَقَةٗ تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا}⁣[التوبة: ١٠٣]، وقوله تعالى: {أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا كَسَبْتُمْ}⁣[البقرة: ٢٦٧]، وقوله ÷: «في الرقة ربع العشر»، إلى غير ذلك من الظواهر، ولم يستثن في شيء منها من عليه الدين، فاقتضى عمومها وجوب الزكاة سواء كان على صاحب المال دين أو لم يكن.

  فإن قيل: فقد قال الله تعالى: {إِنَّمَا اَ۬لصَّدَقَٰتُ لِلْفُقَرَآءِ [وَالْمَسَٰكِينِ]⁣(⁣٢)}⁣[التوبة: ٦٠]، [إلى قوله: {وَالْغَٰرِمِينَ}]⁣(⁣٣) وقال ÷ لمعاذ بن جبل حين بعثه [إلى اليمن]⁣(⁣٤): «خذ من أغنيائهم ورد في⁣(⁣٥) فقرائهم»⁣(⁣٦) فدل ذلك على أن الغارم فقير؛ لأنه ممن يرد فيهم، ومن يرد فيهم يجب أن يكونوا فقراء، والفقير لا تلزمه الزكاة؛ لقوله: «خذ من أغنيائهم».

  قيل له: لسنا نسلم أن الغارم يعطى من الصدقة ما كان في ملكه ما يلزمه فيه الزكاة؛ لأنه لا يكون فقيراً [حتى يؤديه في دينه، ثم بعد ذلك يأخذ الزكاة؛ لأن الغارم يأخذ بالفقر كالمجاهد، ومن كان في ملكه ما تلزمه الزكاة فيه لا يكون فقيراً]⁣(⁣٧).


(١) الأحكام (١/ ١٩٣)، والمنتخب (١٤٦).

(٢) ما بين المعقوفين زيادة من (أ، ب، ج).

(٣) ما بين المعقوفين من المطبوع.

(٤) ما بين المعقوفين مظنن به في (ب، ج، د)، وبدله في المخطوطات: إليهم.

(٥) في (د): على.

(٦) أخرجه البخاري (٢/ ١٠٤)، ومسلم (٥٠٨) وغيرهما.

(٧) ما بين المعقوفين من المطبوع.