شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الضوال واللقط

صفحة 367 - الجزء 6

مسألة: [في عدم ضمان الضالة إذا تلفت بغير جناية من الملتقط ولا من غيره]

  فإن تلفت بغير جناية منه ولا من غيره فلا ضمان عليه فيها⁣(⁣١).

  لا خلاف أنه لا يضمنها إذا تلفت بغير جناية منه، فإن سبيل ذلك سبيل الوديعة، وسبيل مال اليتيم في يد الوصي؛ لأن يده يد أمانة دون يد الضمان.

  واختلف العلماء إن أخذها ثم ردها إلى مكانها، قال أبو حنيفة: قد برئ منها، فلا⁣(⁣٢) يضمنها وإن تلفت، وقال زفر والشافعي: يضمنها. وعليه يدل ظاهر قوله⁣(⁣٣) في الأحكام؛ لأنه قال فيه: فإن أخذ آخذ ضالة رأيت أن عليه حفظها وتعريفها، [ولم يقل: إن له الخيار في أن يردها إلى حيث أخذها. وقال أيضاً فيه: وسبيل اللقطة عندنا أنها لازمة لمن التقطها، وعليه تعريفها]⁣(⁣٤) طال مكثها عنده أم لم يطل. فنبه أنه لا خيار له في ردها إلى موضعها، فإذا كان ذلك كذلك وجب أن يكون ردها إلى موضعها جناية منه عند يحيى #، فيضمنها إن تلفت.

  ويدل على ذلك قوله ÷: «احبس على أخيك ضالته»، وقوله: «عرفها حولاً»، وقوله: «ولتكن وديعته عندك»، وقوله: «من التقط لقطة يسيرة» ... الخبر، فكل ذلك يدل على أن الملتقط يلزمه الحفظ والتعريف إلى أن يظفر بصاحبها، والرد لها إلى مكانها ينافي ذلك، فوجب ألا يجوز، وإذا ثبت أنه لا يجوز ثبت أنه يكون بفعله متعدياً، وأنه يلزمه الضمان، على أن هذه الأخبار قد أوجبت الحفظ على الملتقط، وإذا ثبت وجوب الحفظ فلا قول إلا قولنا؛ لأن من يخالف في هذا لا يوجب عليه الحفظ، ويقول: إن شاء حفظ، وإن شاء ردها إلى مكانها ولم يحفظها.


(١) الأحكام (٢/ ١٤٨).

(٢) في (أ، ج): ولا.

(٣) في (هـ): كلامه.

(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (ب، د، هـ).