باب القول في صفة التطهر وما يوجبه
  حدثنا الناصر للحق الحسن بن علي، قال: حدثنا محمد بن منصور، عن عباد بن يعقوب، عن قاسم بن عبدالله، عن عبدالرحمن بن أحمد بن عقيل، عن جابر بن عبدالله، قال: كان رسول الله ÷ إذا توضأ يدير الماء على مرفقيه.
  وهذا الفعل منه # يدل على الوجوب لأنه بيان لمجمل واجب، وفعل النبي ÷ إذا كان بياناً لمجمل واجب وجب حمله على الوجوب، والذي يدل على أنه بيان لمجمل واجب أن الله سبحانه وتعالى لما قال: {فَٱغۡسِلُواْ وُجُوهَكُمۡ وَأَيۡدِيَكُمۡ إِلَى ٱلۡمَرَافِقِ}[المائدة: ٦] لم يعقل من الظاهر أن المرافق تدخل في الغسل أو لا تدخل؛ لأن «إلى» موضوعة للحد، والحد قد يدخل في المحدود وقد لا يدخل؛ لأن قول الله تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّواْ ٱلصِّيَامَ إِلَى ٱلَّيۡلِۚ}[البقرة: ١٨٧] يوجب ألا يدخل الليل في مدة الصيام، ولو قال رجل: «لا أكلم زيداً إلى أن يقوم» لكان القيام داخلاً في المدة التي وقعت اليمين عليها، فإذ ثبت ذلك احتمل أن تكون المرافق داخلة في الغسل واحتمل أن تكون غير داخلة فيه، فصار الخطاب مجملاً، وإذا كان الخطاب مجملاً وكان فعل النبي ÷ بياناً له بان وجوبه لكونه بيان لمجمل واجب.
مسألة: [في أن من فروض الوضوءمسح جميع الرأس]
  قال: ومن فروض الوضوء: مسح جميع الرأس مقبله ومدبره وجوانبه، مع الأذنين ظاهرهما وباطنهما.
  وقد نص على ذلك في الأحكام والمنتخب(١)، ونص القاسم # في مسائل النيروسي على ذلك وغيرها.
  والذي يدل على ذلك: قول الله تعالى: {وَٱمۡسَحُواْ بِرُءُوسِكُمۡ}[المائدة: ٦]، فوجب مسح جميع ما يسمى رأساً؛ لأن قوله: {بِرُءُوسِكُمۡ} لفظة شاملة
(١) الأحكام (١/ ٦٥) والمنتخب (٦١).