باب القول فيما تبطل به الشفعة
  فقد حصل التسليم، وإذا باعها أو وهبها [يكون قد أخرج نفسه من الشفعة](١) وفي إخراجه نفسه منها تسليمها، كما أنه لو قال: برئت من هذه الشفعة [كان ذلك تسليماً](٢) والعلة أنه إخراج نفسه منها.
  فإن قيل: فإذا قلتم: إن هبتها وبيعها لا يصح فكيف يكون مخرجاً نفسه منها، فما أنكرتم أن يكون إذا لم يصح ذلك أن يكون على شفعته؟
  قيل له: لأن بيع الشيء وهبته يقتضي شيئين: أحدهما: إخراج نفسه منه، والثاني: تحصيله لغيره. والشفيع وإن لم يصح منه تحصيل الشفعة لغيره يصح إخراج نفسه منها، وإذا تضمن البيع والهبة ذلك لم يثبت ما لا يصح، وثبت ما يصح.
  فإن قيل: فهل تقولون في سائر الحقوق: إنها تبطل بهذا القدر؟
  قيل له: لا نقول ذلك في سائر الحقوق؛ لأنها لا تبطل بقول القائل: أخرجت نفسي منه وأسلمته، والشفعة تبطل بذلك، ولأن الشفعة تبطل بالدلالة كما تبطل بصريح اللفظ.
مسألة: [في بطلان الشفعة بموت الشفيع قبل الطلب]
  وإذا مات من له الشفعة قبل الطلب لم يقم ورثته مقامه، وبطلت شفعتها(٣).
  لأنه ليس له حق ثابت فيقوم ورثته مقامه، وإنما له طريق إلى أن يثبت حقه.
  والدليل على ذلك ما روي عن النبي ÷ أنه قال: «الشفعة كنشطة عقال، فإن قيدها(٤) مكانه ثبت حقه، وإلا فاللوم عليه إذا لم يقدر عليها(٥)»
(١) ما بين المعقوفين ساقط من (أ، ج).
(٢) ما بين المعقوفين ساقط من (أ، ج).
(٣) المنتخب (٣٨٥).
(٤) في المخطوطات: قيد.
(٥) في شرح مختصر الطحاوي (٣/ ٣٥٢): عليه.