باب القول في الإماء
  يؤكد ذلك: أن من تزوج حرة لم يحل له التزوج بأختها إلا مع بطلان نكاح الأولى، فوجب ألا يجوز له وطء الثانية من المملوكات إلا مع بطلان ملكه للأولى؛ لأن كل واحد منهما سبب إباحة الوطء، ويستند قياسنا إلى الظاهر، ويقتضي الحظر، فهو أولى من قياسهم المزوجة(١) على المبيعة.
مسألة: [فيمن طلق زوجته الأمة ثلاثاً ثم ملكها]
  قال: ولو أن رجلاً طلق أمة ثلاث تطليقات ثم ملكها لم يكن له أن يطأها حتى تنكح زوجاً غيره، وكذلك لو كان سيدها وطئها بعد تطليقه لها ثلاثاً لم تحل له.
  هذا منصوص عليه في الأحكام(٢).
  والأصل فيه: قول الله تعالى: {اِ۬لطَّلَٰقُ مَرَّتَٰنِۖ} ... إلى قوله: {فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُۥ مِنۢ بَعْدُ حَتَّيٰ تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُۥۖ}[البقرة: ٢٢٩ - ٢٣٠] ولم يخص في ذلك أمة من حرة.
  وقد علمنا أن السيد ليس بزوج، ولا يطأ بالزوجية، فوجب أن تكون محرمة على من طلقها ثلاثاً وإن وطئها سيدها ما لم تنكح زوجاً غيره.
  ولا خلاف أنها لو وطئت بشبهة أو زنا لم تحل للزوج الأول، والعلة فيه أنه وطء وقع في غير نكاح صحيح، فكذلك الأمة(٣)، والعلة أنه وطء مطلقة ثلاثاً.
  يؤكد ذلك: أنه لا اعتبار بوجود الوطء، ألا ترى أنه لو وطئها وهما محرمان أو أحدهما أو كانت حائضاً جاز لها الرجوع إلى الأول، فبان أن الاعتبار بما ذكرنا أولاً من حصول الوطء في نكاح صحيح دون أن يكون الوطء حراماً أو حلالاً.
  فأما إذا طلقها ثلاثاً ولم يكن سيدها وطئها فتحريم وطئها بأن يملكها أظهر وأوضح؛ لقول الله سبحانه وتعالى: {فَلَا تَحِلُّ لَهُۥ مِنۢ بَعْدُ حَتَّيٰ تَنكِحَ زَوْجاً
(١) في (أ، ج): المتزوجة.
(٢) الأحكام (١/ ٤٢٠).
(٣) هنا نقص ظاهر، ولفظ تعليق ابن أبي الفوارس: ولأن وطء المولى وطء في غير نكاح صحيح فلا تحل به على الأول؛ دليله إذا وطئت بشبهة أو زنا. ولأن الحرة لا ترجع إلى الأول إلا بعد وطء في نكاح صحيح، وكذلك الأمة؛ لأنها مطلقة ثلاثاً.