شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في كيفية وجوب الحج وذكر فروضه

صفحة 342 - الجزء 2

  على أن موضوع العبادات على غير الحرج وإلزام ما فيه المشقة العظيمة، ألا ترى أن المريض والمسافر أبيح لهما الإفطار، وكذلك المريض أبيح له ترك القيام إلى القعود في الصلاة، والمسافر وضع عنه بعض الصلاة؟ فوجب أن يكون سبيل الحج هذه السبيل.

  فأما الأمان على النفس فإنه شرط في الحج، قال الله تعالى: {وَلَا تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَي اَ۬لتَّهْلُكَةِ}⁣[البقرة: ١٩٤]، والأمر يبنى على غالب الأحوال، فإذا كانت الحال حالاً يغلب معها التلف لم يكن معها للسلامة المجوزة حكم.

  قال أبو العباس الحسني ¥: والبحر فيه كالبر، وحكى عن محمد بن يحيى # أنه احتج بقوله تعالى: {هُوَ اَ۬لذِے يُسَيِّرُكُمْ فِے اِ۬لْبَرِّ وَالْبَحْرِۖ}⁣[يونس: ٢٢]، وقوله تعالى: {وَالْفُلْكَ تَجْرِے فِے اِ۬لْبَحْرِ بِأَمْرِهِۦۖ}⁣[الحج: ٦٣]، والاعتبار فيه بغالب الأحوال في السلامة والهلاك كما قلناه⁣(⁣١) في البر.

  وأما صحة البدن فسنذكر فيها ما يجب في مسألة من لا يستقر على الراحلة.

مسألة: [في أنه لا يجوز تأخير الحج لمن وجب عليه إلا لعذر مانع]

  ولا يجوز تأخير الحج لمن وجب عليه إلا لعذر مانع.

  وهذا منصوص عليه في الأحكام⁣(⁣٢).

  والأصل فيه قول الله تعالى: {وَلِلهِ عَلَي اَ۬لنَّاسِ حَجُّ اُ۬لْبَيْتِ مَنِ اِ۪سْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاٗۖ}⁣[آل عمران: ٩٧]، فأوجب الحج وتوعد على تركه.

  وأخبرنا أبو الحسين بن إسماعيل، قال: حدثنا الناصر، قال: حدثنا محمد بن منصور، قال: حدثنا أحمد بن عيسى، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد، عن زيد بن علي، عن أبيه، عن آبائه، عن علي $ قال: قال رسول الله ÷: «من أراد دنيا وآخرة فليؤم هذا البيت، أيها الناس، عليكم بالحج والعمرة


(١) في (أ، ب، ج): بيناه. والمثبت من (د) ونسخة في (أ).

(٢) الأحكام (١/ ٢٨٩).