باب القول فيما يصح أو يفسد من النكاح
  والوجه الثاني: أنه يجوز أن يكون المراد بقوله: «اختر» أي: بنكاح جديد.
  والوجه الثالث: أنه يجوز أن يكون المراد اختر الأوائل منهن.
فصل: [في تحريم الجمع بين أكثر من أربع نسوة]
  نص في الأحكام(١) على أنه لا يحل الجمع بين أكثر من أربع.
  ولا خلاف فيه بين العلماء من أهل البيت $ وسائر الفقهاء، ويحكى عن قوم مجاهيل أنهم أجازوا ذلك، وإجماع المسلمين يحجهم.
  ثم ما روي عن النبي ÷ من قوله لغيلان حين أسلم وتحته عشر نسوة: «خذ منهن أربعاً» وكذلك حديث الحارث بن قيس، وما روي عن ابن عباس في قوله تعالى: {فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ اَ۬لنِّسَآءِ مَثْنَيٰ وَثُلَٰثَ وَرُبَٰعَۖ}[النساء: ٣] قصر الرجال على أربع من أجل أموال اليتامى(٢).
مسألة: [فيمن تزوج بامرأتين في عقد وكانت إحداهما لا تحل له]
  قال: ولو تزوج امرأتين في عقدة واحدة فوجد إحداهما ممن لا يحل له نكاحها ثبت له نكاح الأخرى دونها.
  وهذا منصوص عليه في الأحكام(٣).
  ووجهه: أنه عقد نكاح انطوى على صحة وفساد فوجب ألا يفسد الصحيح، كما أنه لو تزوج على خمر أو خنزير لم يفسد النكاح، ولا يجب أن يكون سبيله سبيل من اشترى عبداً وحراً بثمن واحد؛ لأن عقد البيع تفسده الشروط الفاسدة والغرر والانطواء على أي فساد كان، وليس كذلك عقد النكاح.
  فإن قيل: أليس من تزوج بخمس في عقد واحد كان نكاح الجميع فاسداً؟ فما أنكرتم أن يكون ذلك سبيل من تزوج أجنبية وذات رحم محرم؟
(١) الأحكام (١/ ٣١٠).
(٢) أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (٣/ ٥٣٥) وابن أبي حاتم في تفسيره (٣/ ٨٥٩).
(٣) الأحكام (١/ ٣٤٢).