باب القول في صيد الماء
  كان بسبب حصوله في الحظيرة، فلذلك قلنا: إنه لا يؤكل، فأما ما يوجد في الحظيرة بعد ما ينضب عنها(١) الماء فالظاهر أن الحظيرة كانت سبب قتله؛ لأنه إذا اضطرب(٢) فيها لم يمتنع أن يؤدي إلى قتله.
  فإن قيل: ولا يمتنع أيضاً أن يكون مات في ذلك الماء حتف أنفه، فلم حملتموه على أن الحظيرة كانت سبب قتله؟
  قيل له: لأنا قد علمنا أن ما ذكرناه يجوز أن يكون سبب قتله، فحملنا موته على أن ما ذكرناه كان سببه، ألا ترى أنا إذا رمينا الطائر بسهم فأصبناه بحده يجوز أن يكون الطائر مات من داء قبل لا لتلك الإصابة؛ لأن مثل تلك الإصابة تحصل فلا تقتل، ومع هذا فإنا نجوز(٣) أكله، ونحمله على أنه مات بسبب تلك الجراحة؟ وكذلك الحكم في جرح الآدمي فيما يوجب القصاص والقود، فحملنا أمر السمك إذا مات في الحظيرة على ذلك؛ لأنه أمر يجوز أن يكون سبب القتل. على أن ما جوزنا أكله لا خلاف فيه، فلا وجه لإطالة الكلام.
مسألة: [فيما اصطاده الكفار من السمك]
  قال: ولا بأس بأكل ما اصطاده الكفار من الحيتان إذا غسل من مس أيديهم(٤).
  وهذا مما لا أحفظ فيه خلافاً، إلا ما يحكى عن الناصر أنه كرهه، وذلك لا معنى له؛ لقوله: «أحلت لكم ميتتان: الحوت، والجراد»، ولأنه إذا لم
(١) في (أ، ج): عنه.
(٢) في (أ، ج): اضطرت.
(*) لفظ شرح القاضي زيد: لأن الحيتان إذا حصلت في مضيق وتزاحمت لا يمنع أن يؤدي ذلك إلى تلفها، فيكون سبب تلفها فعل الصائد.
(٣) في (ب، د): فلا نجوز. وفي (هـ): لا نجوز.
(٤) الأحكام (٢/ ٢٩٩) والمنتخب (٢٢٢).