باب القول في العدة
فصل: [في الحربية إذا أسلمت وهاجرت إلى دار الإسلام وهي ذات زوج]
  نص يحيى بن الحسين # في الأحكام(١) أن الحربية إذا أسلمت وهاجرت إلى دار الإسلام وهي ذات بعل لم يكن لها أن تتزوج حتى تعتد، وبه قال أبو يوسف ومحمد والشافعي، وقال أبو حنيفة: لا عدة عليها، واختلفت الرواية إن كانت حبلى، فروي: أن ليس لها أن تتزوج حتى تضع، وروي: لها أن تتزوج قبل الوضع.
  والأصل في ذلك: أنها فرقة طرأت بالإسلام على المدخول بها فوجب أن تلزمها العدة؛ دليله إذا أسلمت زوجة الوثني(٢)، وإن شئت قلت: فرقة طرأت لاختلاف الدينين فوجب أن تلزمها العدة؛ دليله امرأة المرتد. على أن أبا بكر الجصاص حكى(٣) أن الأصح والأشبه على قول أبي حنيفة أن الحامل إذا أسلمت وهاجرت ولها زوج في دار الحرب لم يكن لها أن تتزوج حتى تضع، فيمكن أن تقاس عليها الحائل بعلة أنها مسلمة هاجرت ولها في دار الحرب زوج حربي، فوجب ألا تتزوج حتى يمضي زمان عدة مثلها. والأصول تشهد لصحة ما قلناه؛ لأن الفرقة العارضة بعد الدخول بالزوجة من أي وجه عرضت فالعدة واجبة.
  فإن قيل: حقوق أهل الحرب منقطعة عن دار الإسلام، والعدة حق الزوج، فلا يلزمها حق زوجها الحربي المقيم في دار الحرب.
  قيل له: العدة وإن كانت حقاً للزوج فقد تجب مع انقطاع حقوقه، ألا ترى
(١) الأحكام (١/ ٣٥٥).
(٢) يعني: ولم تهاجر، بل أقامت في دار الحرب فإنها لا تبين عند الحنفية حتى تمضي عدتها، فإذا مضت عدتها بانت، ذكر ذلك في كنز الحنفية وشرحه، فصح القياس عليها كما في الكتاب، وأما إذا أسلمت وهاجرت فعند أبي حنيفة لا عدة عليها، وعند صاحبه [صاحبيه. ظن] كقولنا أنها تعتد. (من هامش د).
(٣) شرح مختصر الطحاوي (٧/ ١٦٩).