باب القول في أحكام الأرضين
  تكون له ÷ إنما هو للصلح على قولكم، فلم يكن لقوله: «وهل ترك عقيل لنا من رباع» معنى.
  وتأويل الخبر عندنا ما روي أن النبي ÷ لما هاجر إلى المدينة باع عقيل دوره، فصارت ملكاً لهم باحتواء عقيل عليها وبيعها منهم، وهذا أحسن ما نعتمده في أن أهل الحرب يملكون علينا أموالنا في دورهم بالغلبة، فقال ÷: «هل ترك عقيل لنا من رباع»، أراد أنه باعها فصارت ملكاً لهم.
  فإن قيل: فعندكم أنها لما فتحت صارت تلك الدور مع سائرها غنيمة، فخرجت من أن تكون ملكاً لهم، وكان للنبي ÷ أن يأخذها على قولكم: إن المسلم إذا وجد ماله بعينه في الغنيمة قبل القسمة فهو أولى به، فلم يكن لقوله ÷: «هل ترك عقيل لنا من رباع» معنى؛ لأن رباعه كانت عادت إليه على قولكم.
  قيل له: يجوز أن يكون قال ذلك بعد ما من عليهم وقرر أملاكهم في أيديهم، فتكون رباعه من جملة الأملاك المقررة في أيديهم، فلم يجز انتزاعها بعد ذلك.
مسألة: [في الأرض التي يصالح عليها أهلها وهم في منعة]
  قال: وأرض صالح عليها أهلها وهم في منعة، فيؤخذ منهم ما صالحوا عليه. فما أخذ(١) من هذين الصنفين من الأرض فهو فئ يرد إلى بيت مال المسلمين، ولا يجري مجرى الصدقات، بل يحل لمن لا تحل له الزكوات. فإن أسلم أهلها بعد ذلك أو صارت الأرض في أيدي المسلمين لزم فيها العشر مع الخراج.
  وجميع ذلك منصوص عليه في الأحكام والمنتخب(٢)، ولا خلاف بين المسلمين أن أرض الصلح يؤخذ منها ما وقعت المصالحة عليه بين المسلمين والمشركين، وأن المأخوذ من مال الصلح ومال الخراج يجري مجرى الفيء ولا يجري مجرى الصدقات، فأما الجمع بين العشر والخراج إذا صارت الأرض الخراجية في أيدي المسلمين فقد مضى القول فيه، فلا وجه لإعادته.
(١) في (ج، د)، ونسخة في (أ): يؤخذ.
(٢) الأحكام (١/ ١٧١)، والمنتخب (١٧٣).