باب القول في صيد الجوارح
  قيل له: كما نعتبر حال الآلة في الذبح، ألا ترى أنا لا نجوز الظفر ولا السن، ولا الخشب الذي لا يعمل عمل الحديد، ونكره(١) الذبح بالسكين الكال؟ فصح اعتبار الآلة بما يخصها، وإنما لا نعتبر حال مالكها، فكذلك لا نعتبر حال مالك الكلب.
مسألة: [في صيد جوارح الطير]
  قال: وما اصطاده البازي والصقر والشاهين وسائر الجوارح من الطير ووجده صاحبه حياً انتفع به، وما قتلته هذه الجوارح لم يحل أكله(٢).
  وبه قال جعفر(٣) [بن محمد](٤) والقاسم والناصر $، والرواية عن زيد بن علي @ مختلفة، وذهب أكثر الفقهاء إلى جواز أكله. وروي نحو قولنا عن طاووس.
  ووجه المسألة: ما ذكره القاسم ويحيى @ من أنها لا تجري مجرى الكلب في الائتمار والإقبال والإدبار عند الإغراء والإشلاء، وتحصيل القياس فيه ما نذكره من بعد.
  ويدل على ذلك قول الله ø: {وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ اَ۬لْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ}[المائدة: ٥]، فأباح صيد الجوارح بشرط التكليب، والتكليب تعليم مخصوص للكلب، وذلك لا يتأتى في جوارح الطير، وإذا كان ذلك كذلك وأبيح لنا الصيد بشرط أن تكون الجوارح التي تقتله مكلبة، وجوارح الطير لا يتأتى فيها التكليب - ثبت(٥) أنه لا يجوز أكل ما قتلته.
(١) في (أ، ج): ويكره.
(٢) الأحكام (٢/ ٢٩٣) والمنتخب (٢٢٠، ٢٢١).
(٣) في (هـ): أبو جعفر.
(٤) ما بين المعقوفين من شرح القاضي زيد.
(٥) في (أ، ج): وثبت. وفي (ب، د): فثبت.