شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الشهادات

صفحة 247 - الجزء 6

  تعذر عليه لزمته مؤنة، وليس عليه إلا إقامة الشهادة دون التزام المؤن، يكشف ذلك أن المريض وإن أمكن حمله في المحفة إلى الحاكم لا يجب ذلك؛ لأنه يؤدي إلى أن يحمل المؤن، والله أعلم.

  وقال في آخر هذه المسألة في المنتخب⁣(⁣١): ولا أحب للحاكم أن يقبل إذا لم يكن كذلك. ومعناه لا أرى؛ لأنه قد جعل في المسألة هذه الأحوال شرطاً في جواز ذلك، فوجب أن يكون المراد ما قلناه.

مسألة: [في شهادة من عرف خطه ونسي الشهادة]

  قال: وإذا عرف الرجل خط نفسه ونسي الشهادة لم يكن له أن يشهد حتى يتذكر⁣(⁣٢) الشهادة بخطه ويتيقنها.

  قال في المنتخب⁣(⁣٣): يشهد إن أيقن بخطه. فكان الكلام ملتبساً؛ لأنه يحتمل أن يكون أراد أن يتيقن المشهود عليه بتأمل الخط على سبيل التذكر، وهو الذي حملنا عليه قوله؛ لأن إدخاله الباء في الخط دليل على أنه جعله آلة للتيقن، ولم يرد تيقن الخط، ولأنه قال في آخر هذا الباب: ولا تجوز الشهادة على خط⁣(⁣٤). وقد يحتمل أن يكون أراد به تيقن الخط، إلا أن الأولى ما ذكرناه؛ لما بيناه.

  وهذا مما لا أعرف فيه خلافاً؛ لأنه إذا لم يتذكر المشهود به لم يعلمه، وقد قال الله تعالى: {وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا}⁣[يوسف: ٨١]، وقال تعالى: {۞وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِۦ عِلْمٌۖ}⁣[الإسراء: ٣٦]، وروي عنه ÷ أنه قال: «إن عرفت مثل هذه الشمس فاشهد، وإلا فدع».


(١) المنتخب (٥٢٠).

(٢) في (ب، د، هـ): يذكر.

(٣) المنتخب (٥١٦).

(٤) المنتخب (٥٢١).