شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في كيفية الدخول في الصوم

صفحة 234 - الجزء 2

  اِ۬لشَّمْسِ إِلَيٰ غَسَقِ اِ۬ليْلِ}⁣[الإسراء: ٧٨]، فوجب أن يكون الدلوك قبل وجوب الصلاة، ولا خلاف أنه إذا رؤي بعد الزوال كان لليلة مستقبلة⁣(⁣١)، وكذلك⁣(⁣٢) إذا رؤي قبل الزوال، والعلة أن رؤيته حصلت في بعض ذلك اليوم، أو يقال: إن رؤيته لم تثبت ليلة ذلك اليوم. على أنه غير ممتنع أن يكون رؤي لكبره، لا لأنه لليلة الماضية؛ لأن الأهلة تكبر وتصغر بحسب الأوقات التي تفارق الشمس فيها.

  ومما يدل على صحة ما ذهبنا إليه من أنه لا اعتبار برؤيته نهاراً أن ذلك لو وجب لوجب أن يكون الصوم يجب وكذلك الفطر من وقت الرؤية، وذلك يؤدي إلى أن يكون يوم واحد بعضه من شعبان وبعضه من رمضان، أو بعضه من رمضان وبعضه من شوال، وهذا خلاف الإجماع.

مسألة: [في استحباب صوم يوم الشك]

  قال: والصوم في يوم الشك أولى من الإفطار.

  وقد نص عليه في الأحكام⁣(⁣٣).

  ووجهه: حديث أبي هريرة وأبي سعيد قالا: قال رسول الله ÷: «إن الله تعالى يقول: الصوم لي وأنا أجزي به، وإن للصائم فرحتين: فرحة إذا أفطر، وفرحة إذا لقي الله سبحانه»⁣(⁣٤).

  فعموم قوله: «الصوم لي» يوجب أن يكون كل صوم مستحباً؛ لأن دخول الألف واللام عليه يوجب استغراق الجنس، وكذلك قوله: «للصائم فرحتان» يوجب أن [يكون]⁣(⁣٥) ذلك لكل صائم، إلا ما منع منه الدليل.

  وروى ابن أبي شيبة بإسناده عن أبي هريرة عن النبي ÷: «لكل شيء


(١) في (د): المستقبلة.

(٢) في (ب، ج): «كذلك» بدون واو.

(٣) الأحكام (١/ ٢٢٣).

(٤) أخرجه البخاري (٩/ ١٤٣)، ومسلم (٢/ ٨٠٧).

(٥) ما بين المعقوفين من (ب).