شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في تلف الرهن وانتقاصه وانتفاع المرتهن به

صفحة 416 - الجزء 4

  والأصل في هذا: أن الرهن لا يكون رهناً إلا بحصول ثلاثة أشياء: عقد الرهن على التراضي، ووجوب الحق، وحصول القبض. ويخرج الرهن عن كونه رهنا بزوال كل واحدة من الثلاث⁣(⁣١).

  أما سقوط الدين بالإبراء والاستيفاء فلا خلاف أن الرهن خارج عن كونه رهناً، وكذلك إذا زال القبض خرج عن كونه رهناً، كما نص يحيى # في الأرض المرهونة إذا غلب عليها العدو أنها تخرج عن كونها رهناً، ويدل على صحة هذا أنه لا خلاف بيننا في القول الصحيح وبين أبي حنيفة أن رهن المشاع لا يصح، والعلة أن القبض لا يدوم، بل يزول، فلولا أن زوال القبض يخرج الرهن عن كونه رهناً لم تصح العلة وصح رهن المشاع، فإذا ثبت ذلك وجب أن يكون رفع العقد والرضا بالتفاسخ مخرجاً له عن كونه رهناً؛ لأنه أحد⁣(⁣٢) ما لا يكون الرهن رهناً إلا به، فإذا صح ما ذكرناه فالرهن الأول قد خرج عن كونه رهناً بحصول رضاهما بالتفاسخ ورفع العقد، وصار الثاني رهناً بحصول العقد والقبض مع وجوب الحق، فصح ما ذهبنا إليه من أن الثاني هو الرهن دون الأول.

مسألة: [في رهن المغصوب وضمانه]

  قال: ولو أن رجلاً غصب عبداً ورهنه رجلاً وجاء صاحب العبد قضي له بعبده، وطالب المرتهن الراهن بحقه، فإن جاء صاحب العبد وقد تلف العبد في يد المرتهن وهو لا يعلم أنه غصب قضي لصاحب العبد على الغاصب بقيمة عبده، وقضي للمرتهن بدينه على الراهن الغاصب⁣(⁣٣).

  لا خلاف أنه يقضى لصاحب العبد بعبده؛ لأنه غصب عليه، وللمرتهن أن يطالب


(١) كذا في المخطوطات. ولفظ شرح القاضي زيد: بزوال أحد هذه الثلاثة.

(٢) في (أ، ج، هـ): أخذ.

(٣) المنتخب (٤٢٦، ٤٢٧).