باب القول فيما يجب على المحرم من الكفارات
  فهو قول الشعبي وعطاء، روى ذلك عنهما ابن أبي شيبة، وقالا: إن كانت مطاوعة فعلى كل واحد منهما بدنة، وإن كانت مستكرهة فعلى الزوج بدنتان: بدنة عنها، وبدنة عن نفسه(١).
  وهو أيضاً تحصيل مذهب الشافعي في النيابة؛ لأنه وإن أوجب بدنة واحدة جعلها عنهما وألزمها الزوج دونها، إلا أنه لا يفصل بين المطاوعة والمستكرهة.
  وقال أبو بكر الجصاص في شرحه المناسك لمحمد: رأى بعض أصحابنا أن المرأة ترجع على الزوج بما لزمها من الدم.
  ووجه هذه المسألة: ما تقدم في إيجابنا على الزوج نفقة زوجته إذا أفسد بالوطء حجتها، فلا غرض في إعادته.
مسألة: [في وجوب افتراق الزوجين في القضاء إذا وصلا إلى الموضع الذي أفسدا فيه الإحرام]
  قال: فإذا حجا في السنة الثانية لزمهما الافتراق إذا صارا إلى الموضع الذي أفسدا فيه الإحرام، والافتراق ألا يركب معها في محمل، ولا يخلو معها في بيت، ولا بأس أن يكون بعيرها قاطراً إليه أو يكون بعيره قاطراً إليها.
  وهذا منصوص عليه في الأحكام والمنتخب(٢).
  وهو قول أمير المؤمنين علي # وقول عمر وابن عباس، ولم يرو عن أحد من الصحابة خلاف ذلك، فجرى مجرى الإجماع، وهو قول ابن المسيب وعطاء والحكم وحماد، وهو أحد قولي الشافعي، ولا وجه لإبطال اجتهاد إذا ثبت عن عدة من الصحابة من غير أن يروى(٣) خلافه عن أحد منهم، سيما وعندنا أن ما
(١) المصنف (٣/ ١٨٥، ١٨٦).
(٢) الأحكام (١/ ٢٧٨) والمنتخب (٢٠٠).
(٣) في (أ، ب، ج): روي، وفي (أ): روي عن أحد خلافه منهم.