باب القول في التوجه وفي البقاع التي يصلى عليها وإليها
مسألة: [في جواز الصلاة في أعطان الإبل ودمن الغنم إذا لم يكن فيها قذر]
  قال: ولا بأس بالصلاة في أعطان الإبل ودمن الغنم إذا لم يكن فيها قذر من صديد أو دبر.
  وهذا منصوص عله في الأحكام(١)، ومروي عن القاسم #.
  والدليل على ذلك قول النبي ÷: «جعلت لي الأرض مسجداً وترابها طهوراً»، وذلك عام في كل الأرض.
  فإن قيل: فقد روي أن النبي ÷ نهى عن الصلاة في أعطان الإبل.
  قيل له: في سبب هذا النهي وجهان:
  أحدهما: أن العادة جرت لأصحاب الإبل أنهم يتغوطون ويبولون بين جمالهم ويستترون بها، فكأن النهي ورد لقذر المكان ونجاسته، لا لشيء يختص الإبل.
  والوجه الثاني: أن النهي ورد لما في طبع الإبل من الشرود والتمرد، فلم يؤمن أن يكون منها ما يؤدي إلى الشغل عن الصلاة أو قطعها، وعلى هذا يؤول(٢) قوله ÷: «إنها خلقت من الشياطين»، وعلى هذا يؤول قوله ÷ في الكلب الأسود: «إن شيطان» أي: مؤذ.
  وفي حديث رافع بن خديج عن رسول الله ÷: «إن لهذه الإبل أوابد كأوابد(٣) الوحش»(٤).
  يدل على صحة هذا التأويل وأن الصلاة في معاطنها لم تكره لشيء يرجع إليها: ما أخبرنا به أبو بكر المقرئ، قال: حدثنا الطحاوي، قال: حدثنا فهد، قال: حدثنا محمد بن سعيد وأبو بكر بن أبي شيبة، قالا: حدثنا أبو خالد الأحمر،
(١) الأحكام (١/ ١٢١).
(٢) في (ج): تؤول. وفي الموضع الآتي.
(٣) أوابد: جمع آبدة، وهي التي تأبدت أي: توحشت ونفرت من الإنس. (من هامش ب).
(٤) أخرجه البخاري (١/ ٩٢)، ومسلم (٣/ ١٥٥٨).