باب القول في استهلاك المغصوب
باب القول في استهلاك المغصوب
  إذا اغتصب الرجل شيئاً ثم استهلكه لزمته قيمته يوم استهلكه إن كان المستهلك حيواناً أو عرضاً أو مثلهما، فإن كان مما يكال أو يوزن لزمه مثل ما اغتصبه(١).
  اعلم أن الغاصب إذا استهلك المغصوب لم يخرج المغصوب عن ثلاثة أحوال:
  إما أن يكون حاله يوم الاستهلاك كحاله يوم الغصب لم يتغير بزيادة ولا نقصان، فهذا قيمته يوم غصب وقيمته يوم استهلك سواء، وعن أيهما عبرت صحت العبارة، والمعنى في العبارتين سواء.
  أو يكون قد زاد جسمه، فهذا قيمته يوم استهلكه؛ لأن الزيادة في جسم المغصوب مضمونة إذا كان تلفه بفعل الغاصب، لا أعرف(٢) فيه خلافاً إلا اختلاف رواية عن أبي حنيفة نفسه، وأظن أن التضمين أصح الروايتين عندهم؛ لأنه رواه محمد عن أبي يوسف عنه، والأخرى(٣) رواية أصحاب الإملاء عن أبي يوسف عنه.
  ووجهه: أنه قد جنى على الزيادة كما جنى على الأصل، فيجب أن يضمنها كما يضمن الأولاد إذا تلفت بجنايته.
  أو يكون قد نقص جسمه، فالغاصب يضمن قيمته يوم اغتصبه؛ لأنه ضمن يوم اغتصبه قيمته بشرط أن يعجز عن رد العين، لا خلاف فيه، فإذا استقرت القيمة عليه يوم الغصب لم تنقص القيمة المستقرة عليه لنقصان المغصوب، وليس هذا النقصان كهو مع رد العين؛ لأنه إذا رد العين لم تلزمه القيمة؛ لأنها
(١) الأحكام (٢/ ١١٠).
(٢) في (هـ): أعلم.
(٣) في (أ، ب، ج): والآخر.