شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في العدة

صفحة 370 - الجزء 3

  المسجد دعاها فقال: «اعتدي في البيت الذي أتاك فيه نعيه حتى يبلغ الكتاب أجله أربعة أشهر وعشراً»⁣(⁣١) فاعتدت فيه أربعة أشهر وعشراً.

  قيل له: هذا الخبر لو استدللنا به كان أولى، وذلك أن النبي ÷ أذن لها في ذلك حين استأذنت، ولا يجوز أن يأذن النبي ÷ في أمر محظور عليها، فدل ذلك على أن التحول كان جائزاً لها، ولا يمكن أن يستدل بقوله ÷ بعد ذلك: «اعتدي في البيت الذي أتاك فيه نعي زوجك» على أن التحول محظور؛ لأن هذا يقتضي النسخ، وقد دلت الدلالة على أن نسخ الشيء قبل وقت فعله غير جائز، وأنه يدل على البداء، فإذا كان هذا هكذا وجب حمل قوله: «اعتدي في البيت الذي أتاك فيه نعي زوجك» على وجه المشورة وابتغاء الصلاح.

  فإن قيل: ما أنكرتم على من قال لكم: إن الأمر الأول محمول على المشورة وابتغاء الصلاح، وإن الأمر الثاني محمول على الوجوب؟

  قيل له: الفرق بين الأمرين أن المباح قد يجوز أن يؤمر بتركه لضرب من الرأي وضرب من الصلاح، وليس كذلك المحظور؛ لأنه لا يجوز أن يؤمر الإنسان بارتكابه لضرب من الرأي، فإذا ثبت هذا فالأولى أن يحمل الإذن على الإباحة الشرعية، والمنع على الرأي والمشورة.

مسألة: [في إحداد المطلقة ومكان عدتها]

  قال: وأما المطلقة فلا يجب عليها أن تترك التزين⁣(⁣٢) والتطيب، ولا بأس أن تظهر ما يجوز إظهاره من ذلك لزوجها ترغيباً له في نفسها إن كانت له عليها رجعة وعليها أن تعتد في منزل زوجها، وعلى الزوج أن يتحرز من النظر إلى شعرها وجسدها⁣(⁣٣) أو شيء من عورتها.


(١) أخرج نحوه أبو داود (٢/ ١٥٨) والترمذي (٢/ ٥٠٠).

(٢) في (د): التزيين.

(٣) في (د): أو جسدها.